تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد الضجة التي أثارها كتابه (هذي هي الأغلال) انسحب القصيمي من الحياة واقتصر الظهور العام له على حلقة نقاش تجري في أوقات دورية في مقهى تحت القلعة اسمه (كافتريا العمدة) وكان يشترك في هذه الندوة عبد الحميد الغرابلي، و العالم السعودي محمد نصيف، و الكاتب خالد محمد خالد، ثم بدأ يعقد لقاءات مع الطلبة اليمنيين المبتعثين إلى القاهرة، مما دفع حكومة الإمام في اليمن للمطالبة بطرده من مصر، وهذا ما حصل بالفعل حيث طرد عام 1954م وذهب إلى بيروت، وفيها تلقى دعماً من المثقفين العلمانيين ومن أبرزهم سهيل إدريس حيث أتاح له الكتابة في مجلته (الآداب)، وقدري قلعجي الذي أعطى القصيمي في وقت لاحق زاوية خاصة في مجلته (الحرية) التي صدرت عام 1956م، وبدأ الكتابة أيضاً في صحيفة (الجريدة) وفي عام 1956م، ألغت الحكومة المصرية أمر إبعاد القصيمي وسمحت له بالعودة إلى أسرته في القاهرة، وبدت كتاباته في تلك الفترة تتميز باليأس؛ فقد كتب مقالاً بعنوان (الكاتب لا يغير المجتمع).

المرحلة الثالثة والأخيرة: مرحلة الإلحاد

بعد نشر القصيمي كتابة (هذي هي الأغلال) عام 1946م، وما لقيه من هجوم واسع، انسحب من الحياة العامة كما مرَّ سابقاً، ويفسر الدكتور فازلا هذا الانسحاب بأنه يشير إلى أن الرفض الذي لقيه آنذاك هز صورته عن العالم هزاً عنيفاً، دعاه إلى تغييرها، ولذلك يتحدث أحمد السباعي عن أزمة الشك التي مَرّ بها الكاتب في هذه المرحلة من تطوره ثم ازدادت حدة هذه الأزمة الداخلية لديه بإبعاده عن مصر في الخمسينيات، وعيشه في المنفى السياسي؛ مما أدى في النهاية إلى رفضه الجذري لكل ما كان ذا معنى بالنسبة له في السابق، وقد مرت مرحلة إلحاده بمحطتين:

- المحطة الأولى (الإنتاج الفكري والشهرة): بداية من عام 1963م، شرع القصيمي بطرح كتبه الإلحادية الشهيرة وتعد هذه الفترة أغزر فترات عمره تأليفاً، فقد ألف في السنة المذكورة كتابه (العالم ليس عقلاً) وهو كتاب لم يلق صدى يذكر في الأوساط الثقافية العلمانية والإسلامية، وبعد ثلاثة أعوام وفي عام 1966 م، أصدر كتابين (هذا الكون ما ضميره؟) وكتاب (كبرياء التاريخ في مأزق) وبعد صدورهما مباشرة نشرت مقتطفات في (العلوم) وفي الملحق الأدبي لجريدة (النهار) وفي الوقت نفسه نشرت عدة دراسات عن الكتابين.

بين عام 1967وعام 1972م بلغ القصيمي قمة شهرته وهي تعد أكثر مراحل حياته إنتاجاً وشعبية، والسبب في هذا حدثان وقعا نقلاه إلى مركز الضوء، أحدهما طرده إلى لبنان، ولم تعرف الظروف الدقيقة لهذا الإبعاد.

هذا الطرد أحدث تضامن المثقفين العلمانيين في لبنان معه ونشرت بعض الصحف اللبنانية تطالب برفع الحظر عن دخوله إلى لبنان، والحدث الثاني هزيمة حزيران عام 1967م، فقد أحدثت هذه الهزيمة زلزلة فكرية لدى جمهرة المثقفين وأطلقت موجة من النقد الذاتي عمت العالم العربي بأسره، وظهر لدى كثير من المثقفين العرب ميل إلى القطيعة التامة مع الماضي، ففي مثل هذا المناخ الثقافي يمكن أن تجد فلسفة تحطيم الصور والمفاهيم الدينية والسياسية التي تدعو إليها كتب القصيمي أرضاً خصبة للازدهار والانتشار، ولهذا أعيد طباعة كتابه (العالم ليس عقلاً) في ثلاثة أجزاء ثم تبعها عام 1971م تأليف كتاب (أيها العار إن المجد لك) وكتاب (فرعون يكتب سفر الخروج) وكتاب (الإنسان يعصي لهذا يضع الحضارات) إلى جانب ذلك نشر القصيمي عدداً من المقالات في المجالات الأدبية في بيروت ومن الممكن القول بأن القصيمي كان بين 1967م وعام 1972م فيلسوف المرحلة الذي تنوقلت أفكاره على نطاق واسع نظراً لحالة الضياع والصدمة التي يعيشها المثقفون العرب جراء هزيمة 1967م.

مع نشوب الحرب الأهلية في لبنان عام 1975م انقطع النشاط الثقافي في لبنان وبهذا فقد القصيمي مكان النشر لكتبه، فنشر كتابه (العرب ظاهرة صوتية) عام 1977 م في باريس، وكان هذا الكتاب آخر كتاب للقصيمي يلقى في العالم العربي صدى قوياً نسبياً، إلا أن جميع النقاد أعطوا الكتاب تقييماً سلبياً جداً ورافضاً. وفي تعليق للكاتب اللبناني يوسف الخال على كتاب القصيمي هذا وصف القصيمي وإنتاجه الفكري بأنه (ظاهرة كلامية).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير