تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[محمد (الأمة وحده)]

ـ[عبد العزيز عيد]ــــــــ[29 - 11 - 07, 04:10 م]ـ

أمة وحده

تلمح في بعض الآيات أن الله تعالى يخاطب محمدا صلى الله عليه وسلم كما لو كان هو الأمة الإسلامية بأسرها وكما لو كان هو أمة وحده، والمثال عل ذلك نجده في سورة الإسراء:حيث يخاطبه سبحانه وتعالى في هذه سورة بعد أن يثبت معجزة الإسراء والحديث عن بني إسرائيل وما كان منهم وتسليط بعض الأمم عليهم ومصير من أراد العاجلة ومن أراد الآخرة فيقول له (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً) (1) في الوقت الذي يعلم فيه سبحانه وتعالى أنه صلى الله عليه وسلم لن يتخذ من دونه إلها آخر لأنه لم يسبق له أن اتخذ إلها قبل البعثة , وقد ثبت الله قلبه على اليقين الذي يحول بينه وبين عبودية غيره تعالى بعد البعثة , ولكنه ينهاه ويتوعده عن مغبة الشرك بوصفه الأمة الإسلامية كلها وبوصفه المكلفين جميعا , ثم يؤكد سبحانه وتعالى هذا المعنى بقوله له عقب هذه الآية بقوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (2)، على الرغم من أنه لا أب له صلى الله عليه وسلم ولا أم، ثم تتابع الآيات ليختلط الخطاب الإلهي بمحمد صلى اله عليه وسلم كأمة وحده بالمسلمين جميعا، فيصر هو وهم سواء في الأمر أو النهي وسواء في التكليف جميعا فقال تعالى على سبيل الجمع " (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) (3)، إلى قوله سبحانه " (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (4) ثم قال تعالى على سبيل الفردية "وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (5) إلى قوله (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً) (6) ليخبره بعد ذلك أن جماع هذه الأوامر سواء كانت فردية أو جماعية هي مما أوحى إليه من الحكمة فقال سبحانه: (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) (7) ويتأكد ذلك ثانية وفي ذات السورة عندما يأمره الله تعالى بأداء الصلاة وقراءة القرآن. لأن الصلاة لم تكن له فقط صلى الله عليه وسلم ولكنها كانت فرضا على المسلمين جميعا , خاصة وأن الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل هي الصلوات المكتوبة (8) فقال سبحانه (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) (9) وفي موضع آخر قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ .. الآية) (10) فبدأ الخطاب إليه وحده ثم عمم الأمر مباشرة كما لو النداء لجميع المسلمين


(1) الإسراء 22 (2) الإسراء 23 (3) الإسراء 31 (4) الإسراء 35 (5) الإسراء 36
(6) الإسراء 37 (7) الإسراء 39 (8) تفسير القرطبي (9) الإسراء 78، (10) الطلاق:1

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير