[الداعية والقصص الواهية: قصة مسائل عطاء بن ابى رباح وهو يطوف بالبيت]
ـ[العوضي]ــــــــ[02 - 12 - 07, 03:55 ص]ـ
قصة مسائل عطاء بن ابى رباح وهو يطوف بالبيت
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الوعاظ والقصاص ووجدت في كتب السنة وفي كتب الترغيب والترهيب، وإلى القارئ الكريم تخريج وتحقيق هذه القصة:
أولا: المتن
روي عن حميد بن أبي سوية قال: سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت، فقال عطاء: حدثني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكل به سبعون ملكا، فمن قال اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قالوا: آمين. فلما بلغ الركن الأسود قال: يا أبا محمد، ما بلغك في هذا الركن الأسود؟ فقال عطاء: حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن». قال له ابن هشام: يا أبا محمد فالطواف؟ قال عطاء: حدثني أبو هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من طاف بالبيت سبعا ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، محيت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسنات، ورفع له بها عشر درجات، ومن طاف فتكلم وهو في تلك الحال، خاض في الرحمة برجليه، كخائض الماء برجليه».
ثانيا: التخريج
حديث هذه القصة أخرجه ابن ماجه في «السنن» (ح2957) قال: حدثنا هشام بن عمار حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا حميد بن أبي سوية، قال: سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت، قال عطاء ... القصة.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (9/ 183) (ح8395) قال: حدثنا موسى بن سهل، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا حميد بن أبي سويد، قال: سمعت رجلا يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت، قال عطاء ... القصة.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» (2/ 274) (69/ 438) قال: «حدثنا جعفر بن أحمد بن عاصم، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا ابن عياش به».
ثالثا: التحقيق
1 - بالمقارنة بين رواية ابن ماجه ورواية الطبراني نجد أن:
أ- في رواية ابن ماجه: «حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا حميد بن أبي سوية».
ب- في رواية الطبراني: «حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا حميد بن أبي سويد».
فيخيل للقارئ أن هناك اختلافا في السند في من روى عنه إسماعيل بن عياش حيث يظن أن حميد بن أبي سوية، وحميد بن أبي سويد اثنان، ولكنهما بالتحقيق اسمان لراو واحد؛ حيث قال الإمام المزي في «تهذيب الكمال» (5/ 246/1511): «حميد بن أبي سويد، ويقال: ابن سوية، المكي، روى عن عطاء بن أبي رباح، وروى عنه: إسماعيل بن عياش».
2 - وحديث هذه القصة الواهية من حيث وصوله إلينا «غريب»، وتتبين هذه الغرابة من قول الإمام الطبراني في «المعجم الأوسط» (9/ 183): «لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا حميد بن أبي سويد، تفرد به إسماعيل بن عياش». اهـ.
وهذا القول بالتفرد يحسبه البعض هينا ولكنه عند علماء هذا الفن عظيم، حيث لا ينقاد إلا لإمام جهبذ من جهابذة هذا الفن الدقيق الواسع مثل الإمام الطبراني، فقد تعقب كثيرا في إخراج كتابه «المعجم الأوسط» حيث ظهر فيه سعة روايته وكثرة اطلاعه على طرق الحديث وتمييز الطرق التي اشترك فيها عدد من الرواة عن هذا الراوي عن الطرق التي انفرد بها بعض الرواة عن بعض، لذلك كان يقول الإمام الطبراني عن كتابه «المعجم الأوسط»: «هذا الكتاب روحي».
3 - ومن قول الإمام الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا حميد بن أبي سويد تفرد به إسماعيل بن عياش». يستفاد منه أيضا أن هذه القصة لا يوجد لها متابعات ولا شواهد.
4 - وعلة هذه القصة الواهية هو إسماعيل بن عياش الذي تفرد بحديثها عن حميد بن أبي سويد.
¥