أ- قال الإمام ابن عدي في كتابه «الكامل في ضعفاء الرجال» (1/ 292، 127/ 127): «حدثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة، حدثنا أبو طالب أحمد بن حميد، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين صحيح، وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح». اهـ.
قلت: يتبين مما أخرجه الإمام ابن عدي بسنده عن أحمد بن حنبل أن رواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ليست صحيحة وهذه القصة منها لأن حميد بن أبي سويد مكي كما بينا آنفا من قول الإمام المزي، وبهذا تصبح القصة غير صحيحة.
5 - وقال الإمام العقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/ 88/102): «إسماعيل بن عياش الحمصي أبو عتبة إذا حدث عن غير أهل الشام اضطرب وأخطأ».
6 - وضعفه الإمام النسائي في كتابه «الضعفاء والمتروكين» ترجمة (34) حيث قال: «إسماعيل بن عياش: ضعيف».
7 - وقال الإمام ابن حبان في كتابه «المجروحين» (1/ 124): «إسماعيل بن عياش أبو عتبة الحمصي من أهل الشام لما كبر تغير حفظه، فما حفظ في صباه وحداثته أتى به على جهته، وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء خلط فيه وأدخل الإسناد في الإسناد وألزق المتن بالمتن وهو لا يعلم ومن كان هذا نعته، حتى صار الخطأ في حديثه يكثر، خرج عن الاحتجاج به فيما لم يخلط فيه». اهـ.
8 - نقل الإمام الذهبي في «الميزان» (1/ 240/923) عن الإمام البخاري أنه قال: «إذا حدث إسماعيل بن عياش عن أهل بلده فصحيح وإذا حدث عن غيرهم ففيه نظر». اهـ.
قلت: وهذا المصطلح عند الإمام البخاري له معناه، وهو مصطلح «فيه نظر»، يتبين ذلك من قول الإمام السيوطي، فقد قال في «التدريب» (1/ 349): «البخاري يطلق: فيه نظر وسكتوا عنه فيمن تركوا حديثه، ويطلق منكر الحديث على من لا تحل الرواية عنه». اهـ.
وعلة أخرى: حميد بن أبي سويد:
1 - قال الإمام الذهبي في «الميزان» (1/ 613/2331): «حميد بن أبي سويد ويقال حميد بن أبي سوية، ويقال حميد بن أبي حميد، عن عطاء، وعنه إسماعيل بن عياش أحاديث منكرة». اهـ.
2 - وقال ابن عدي في «الكامل» (2/ 274) (69/ 438): «حميد بن أبي سويد مكي مولى بني علقمة وقيل حميد بن أبي حميد، حدث عنه إسماعيل بن عياش منكر الحديث». اهـ.
3 - أقر الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (3/ 38) قول ابن عدي فقال الحافظ: «وترجمه ابن عدي فقال: حميد بن أبي سويد مولى بني علقمة وقيل حميد بن أبي حميد حدث عنه إسماعيل بن عياش منكر الحديث». اهـ.
قلت: وأوردت ما أقره الحافظ لوقوع تصحيف في بعض طبعات «الكامل» لابن عدي مثل طبعة دار الفكر، الطبعة الثالثة.
4 - بعد أن بين الإمام الحافظ ابن عدي أن حميد بن أبي سويد «منكر الحديث» ساق له أحاديث مناكير من بينها حديث هذه القصة ثم قال: وهذه الأحاديث التي يرويها عن عطاء غير محفوظات.
5 - وأقر هذا الإمام الذهبي في «الميزان» (1/ 613/2331): حيث قال: «وساق له ابن عدي مناكير».
6 - وترجمه الحافظ ابن حجر في «التقريب» (1/ 202) فقال: «حميد بن أبي سويد المكي، مجهول».
وهذا المصطلح عند الحافظ ابن حجر بين معناه في «مقدمة التقريب» (1/ 5) عند كلامه على «مراتب الجرح والتعديل» فقال: «التاسعة: من لم يرو عنه غير واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ مجهول». اهـ.
قلت: وقد تبين مما أوردناه آنفا أن حميد بن أبي سويد المكي لم يرو عنه غير راو واحد هو إسماعيل بن عياش.
رابعا: الاستنتاج
نستنتج من هذا التحقيق:
1 - أن الحديث الذي جاءت به هذه القصة غريب حيث لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا حميد بن أبي سويد تفرد به إسماعيل بن عياش.
2 - إسماعيل بن عياش حمصي من أهل الشام متروك الحديث في روايته عن غير أهل بلده كما بين ذلك أئمة الجرح والتعديل، وهذا الحديث الذي جاءت به القصة منها؛ حيث تفرد بروايته إسماعيل بن عياش الحمصي عن حميد بن سويد المكي كما بين ذلك الإمام أحمد بن حنبل والإمام البخاري والإمام ابن حبان وغيرهم.
3 - حميد بن أبي سويد: مجهول العين حيث لم يرو عنه إلا راو واحد ولم يوثق بل جرحه ابن عدي فقال: منكر الحديث.
4 - بهذا تصبح القصة واهية لا تصح بل منكرة.
قلت: ولقد أورد هذه القصة الشيخ الألباني رحمه الله في «ضعيف سنن ابن ماجه» (ح640)، وفي «ضعيف الترغيب والترهيب» (ح721)، وقال: «إسماعيل بن عياش ضعيف في الحجازيين، وهذا منها، فإن حميد بن أبي سوية مكي مع أنه هو نفسه ضعيف أيضا، وقد تفرد به إسماعيل كما قال الطبراني في «الأوسط». اهـ.
قلت: ولقد فصلنا ما أجمله الألباني - رحمه الله - بقواعد أهل الحديث وأقوال أئمة الجرح والتعديل، وبعلم الحديث التطبيقي حتى تبين ما أوردناه في الاستنتاج من النكارة وجهالة العين والترك والغرابة وعدم الصحة.
وأصبحت قصة «مسائل عطاء بن أبي رباح وهو يطوف بالبيت» واهية منكرة.
هذا ما وفقني الله تعالى إليه وهو وحده من وراء القصد.
http://www.altawhed.com/Detail.asp?InNewsItemID=247095
¥