تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعد: فلما كان تحديد حرم المدينة النبوية من المسائل المهمة لما يترتب عليه من أحكام وفضائل وثواب وعقاب، وثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [المدينة حرم ما بين عير إلى ثور] فجعل بذلك الحد الجنوبي لحرمها جبل عير، والحد الشمالي جبل ثور، وكان جبل عير معروفا مشهورا، لا لبس فيه ولا إشكال، بينما ثور اختلف العلماء المتقدمون في تعيينه، وبعضهم أنكر وجوده في المدينة، وخفي تعيينه على أهل العصر، فكثرت فيه أقاويلهم وظنونهم، فكاد يندرس خبر هذا المعلم: صح العزم منا نحن المذكورة اسماؤهم في هذا التحقيق، الموقعين عليه، على تحرير هذه المسألة وتعيين هذا الجبل.

فتتبعنا - أولا - كلام المتقدمين في وصفه، وتحديد موقعه، فوجدنا أنهم اتفقوا على أنه جبل منفصل صغير مدور خلف أُحُد من شماليه، وذكر " الجمال المطري " أنه جبل صغير مدور خلف أحد من شماليه، وزاد " المحب الطبرى " نقلا عن أبي محمد عبد السلام بن مزروع البصرى، المجاور بالمدينة، وهو من أهل القرن السابع، أنه حذاء أحد عن يساره، جانحا إلى ورائه

.قال " السمهودى " " وكأن ثورا سمي باسم فحل البقر، لشبهه به، وهو إلى الحمرة أقرب، وقد صح بما قدمناه أن أحدا من الحرم: لأن ثورا حده من جهة الشام، كما أن عيرا حده من جهة القبلة "، فتبين من هذا أن ثورا في الشمال، في جهة الشام من المدينة، وأنه خلف أحد، أو عن يساره، جانحا إلى ورائه. والعادة عند اهل الجهات والجغرافيين أن يجعلوا الشرق عن اليمين والغرب عن اليسار، فيكون الشمال قدام الواقف، والجنوب خلفه.وعليه فغرب أحد هو يساره، أي: في ناحية وادي إضم ومجمع الأسيال، فجبل ثور حسب وصف من ذكرنا ينبغى أن يكون قريبا من هذه الجهة فمن رأى أنه عند مدخل وادى نعمان أو هو (مقعد مطير) كما يسمى اليوم - فقد أخطا لان تلك الجهة شرق أحد والمدينة وليست شمالهما ويمين احد، وليست يساره.

وقد بحثنا خلف أحد من شماليه عن جبل تنطبق عليه الأوصاف فوجدنا أكثر من جبل فرأينا أن تعيين مثل هذا يمكن أن يعتمد فيه على أخبار (العربان) القاطنين في تلك الناحية لأن أهل المدينة من الحاضرة خفي عليهم ذلك، كيف وقد سبقنا إلى الاعتماد على خبر العرب من أهل الديار الذين من عادتهم حفظ مثل هذا وتناقله: أبو محمد عبد السلام بن مزروع البصرى كما نقله عن " المحب الطبري " في الأحكام.

لذلك جرى سؤال الكبار من " ولد محمد " القاطنين في شمالي أحد، ومن غيرهم، ممن جاورهم فاتفقوا على جبيل صغير مدور شمالي أحد أو حذاءه من يساره، جانحا إلى ورائه يشبه الثور، ويقع على ضفاف وادي النَّقمىّ ويحده الوادي من الشمال وطريق الخُليل من الغرب، يسميه العوام من (ولد محمد) وغيرهم جبل (الدَقَّاقات)، وقد خرج إلى موقعه - لأول مرة - كل من: عمر محمد فُلاَّته، مدير مركز خدمة السنة والسيرة النبوية بالجامعة، والدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ: الاستاذ المشارك بقسم التفسير وعلوم القرآن بالدراسات العليا بالجامعة، والدكتور مرزوق بن هياس الزهرانى، وكيل مدير مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، والأستاذ المساعد بقسم السنة النبوية بكلية الحديث الشريف بالجامعة، ومعهم كل من: عبد الهادى بن حسن كابلى، مدير مكتب الشيخ عمر محمد، ونما بن حسين الظاهرى، مرافق الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد واطلعوا جميعا على الجبل المذكور.

ثم في 9/ 5/1410 هـ خرج - مرة أخرى - كل من: عمر محمد فلاته، وعبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، ومعهما: نما بن حسين الظاهري، ومطلق بن سعيد السَّكرانيّ المحمدى، وظافر بن مطر التميمى، واطلعوا على الجبل، مرة أخرى، وجرى تعيينه.

ثم خرج - مرة ثالثة - عمر محمد فلاته، ومعه: حماد بن محمد الأنصارى، واطلعا على الجبل، وقد سأل الأخ " نما " المذكور عددا من شيوخ البادية منهم: " محمد بن ضيف الله القرافي " من بنى سالم، وكذلك سأل الشيخ خالد بن محمد النزهة، مدير إدارة مركز خدمة السنة والسيرة النبوية " فايز بن شريدة الحويفي المحمدى " و " حضرم بن ضيف الله الحويفى " فاتفقوا كلهم على تعيين جبل (الدقاقات) وأنهم يعرفون خلفا عن سلف أنه هو جبل ثور، ويسمى عندهم جبل ثور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير