تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نحو ضابط لعلم الملاحم والفتن]

ـ[الدميني]ــــــــ[02 - 12 - 07, 04:19 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه , أما بعد:

فإن "علم الملاحم والفتن" لا شك علم جليل وذا فوائد مهمة تعود على صاحبها بخيري الدنيا والآخرة وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: أمر نص عليه كتاب أو سنة كفتح بلاد فارس والروم وفتح القسطنطينية ونحو ذلك وهذا يسمى "علم الملاحم".

الثاني: علامات الساعة التي وردت في كتابٍ أو سنة كالمسيح الدجال ونزول عيسى عليه السلام والمهدي ونحو ذلك.

الثالث: أمر حذر منه كتاب أو سنة وأرشدنا ووجهنا إلى طريقة التعامل معه كإقتتال فئتين من المسلمين أو طريقة التعامل مع الأمراء الفجرة وإن لم يذكره بنصه وهذا يسمى "علم الفتن".

أما القسم الأول والثاني فقد ضل فيه كثير ممن أخذ أثارة من علم فظن أنه بلغ الآفاق ومن الأخطاء المنتشرة بين من اقتحم هذا المجال:

** الربط بين الأحداث دونما دليل مقبول صريح نستطيع الجزم به أن هذين الحدثين متزامنين ومرتبطين ببعضهما البعض.

** شرح معاني الأحاديث مخالفاً رأي أئمة أعلام شابت لحاهم في طلب العلم ويعتمد على رأيه بذلك ويشنع على من خالفه ويزبد ويرعد

** أن يعتمد على أحاديث مردودة لم يقبلها أهل العلم أو يخلطها بالمقبول فيكون كمن دس السم في العسل!

فأقل الأحوال مع هذه الأحاديث المردودة سنداً السكوت عنها وإيكالها إلى المستقبل وعدم التكلم بها وعدها من العلم الذي ينشر بين الناس وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من حدث عليّ بحديثٍ يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين" (رواه مسلم) وما أعنيه هنا التحدث عنها على أنها من العلم أما بيان ضعفها فهذا لا شك من العلم المحمود الذي يأجر عليه المرء لذبه عن سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم من الشوائب والموضوعات.

** الاعتماد على الرؤى والأحلام في هذا العلم وقد نص العلماء واجمعوا على أن الرؤى لا يؤخذ منها أحكام شرعية هذا إن سلمنا أنها جميعاً من الرؤى الصادقة أو الصالحة ولكن الحقيقة أنها بمعظمها أضغاث أحلام أو من تلبيس الشيطان ليضل ابن آدم وينشر الفتن وكم جرت هذه الأحلام وإستعمالها بغير محلها ولغير ما شرعت لها وتجاهل إطارها الشرعي لقد جرت الويلات على الأمة ويكفي أن يعلم أن فتنة جهيمان في الحرم المكي هي بذرة لأحلام ورؤى , والله المستعان.

ويستحسن هنا أن نذكر أقسام الرؤى وهي:

الرؤى الصادقة: وهي أن يرى شيئاً في المنام فيقع هو بعينه كأن يرى أن المسلمين انتصروا في معركة فينتصرون أو أن هناك حرب قامت فتقوم أو أن فلان مات فيموت وهذا الحكم على صحتها هو وقوعها ظاهراً وأن تكون حسنة يستبشر بها المؤمن إن كانت الرؤيا خاصة أما إن لم تقع أو كانت سيئة فهي من قبل أضغاث الأحلام وتحديث الشيطان وتحزينه ويشرع له آداب الحلم الذي من الشيطان كالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والاستعاذة من شرها والبصق ثلاثاً على يساره والتحول إلى الجنب الآخر.

الرؤى الصالحة: وهي إما أن تكون على ظاهرها أو مرموزة والتي على ظاهرها ذكر علماء الرؤى عدة أنواع منها: كأن يلتقي بالأموات ويحدثهم أو يدخل الجنة ويرى ما فيها أو يحدثه الله عز وجل ولهذه الأنواع بقية وأما المرموزة فهي أمثال يضربها الملك ليُستدل بها على أمور واقعية في الماضي أو الحاضر أو المستقبل وللفائدة فإن من يميز بين كون الرؤيا ظاهرة أو مرموزة هم أهل التعبير فقد تكون رؤيا الجنة أو الأموات مرموزة أحياناً ولو لا أن هذا ليس موضوعنا لبينت لكم كيفية التفريق بينهما.

أضغاث الأحلام: ويدخل فيه حديث النفس وتحزين الشيطان وتلاعبه أو تكون غريبة مختلطة الرموز لا يقدر على تمييزها.

** والأمر الآخر من الأخطاء التي يقع بها بعض من خاضوا بهذا العلم "علم الملاحم والفتن" تحديد وقت وزمن محدد لظهور ذاك الحدث أو غيره بتأويلات باطنية غريبة وحسابات أهل التنجيم كحساب الجمل والاستدلال بالظواهر الكونية على الحوادث الأرضية! وهذا هو التنجيم بعينه وإن جهل صاحبه ذلك.

** أو محاولة ربط واقعنا بأحداث غيبية كمن يقول أن صدام هو السفياني (فمع أخذه بالحديث المردود) وقع في هذا الخطأ ومن يقول أن ما يدور الآن من فتن هي فتنة الأحلاس بعينها أو أن رايات تنظيم القاعدة في أفغانستان هي الرايات السود التي فيها المهدي (مع العلم أن أحاديث الرايات وإن حكم بعض أهل العلم على نصوص محددة عنها بالقبول ففيها موضوعات وقصص وروايات تجعل الحليم حيران!)

** وكذا رسم قصة معينة لتتابع الأحداث القادمة مما يورث تثبيط للهمم والظن أن هذا أمر مؤكد ولن نستطيع أن نخالف مجريات الأحداث طبعاً مع احتوائها على الأخطاء السابقة أو بعضها.

والمطلوب من دراسة هذا العلم هو الحذر من الفتن والأمور الغيبية نؤمن بها ونشرح معناها ثم نوكل زمن وقوعها إلى الله عز وجل ونعمل لواقعنا وعلى ما تمليه شريعتنا الإسلامية وإن يكن أمر فالله مظهره لا محالة ولكن هناك جهاد ودعوة وهناك دول ورايات قائمة فإنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً والله متم نوره ولو كره الكافرون.

وكتبه:

**أبو محمد الدميني**

غفر الله له ولوالديه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير