تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول الإمام الشاطبي _رحمه الله تعالى_: "كل مسألة لا ينبني عليها عمل، فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل عمل القلب وعمل الجوارح من حيث هو مطلوب شرعاً، و الدليل على ذلك: استقراء الشريعة فإنّا رأينا الشارع يعرض عمّا لا يفيد عملاً مكلفا به، ففي القرآن الكريم "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" فوقع الجواب بما يتعلق به العمل، ومن هنا نهى _صلى الله عليه وسلم_ عن قيل وقال وكثرة السؤال) البخاري.

لأنة مظنة السؤال عما لا يفيد، وقد كان مالك بن أنس يكره الكلام فيما ليس تحته عمل. (8)

ويترتب على ذلك:

أن العلم الشرعي وسيلة إلى عبادة الله و (ذلك أن روح العلم هو العمل وإلا فالعلم عارية وغير منتفع به، قال تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" (فاطر: من الآية28) قال سفيان الثوري: "إنما يتعلم العلم ليتقي به الله وإنما فضل العلم على غيره؛ لأنة يتقي اللّه به" (9).

وكل ذلك يحقق أن العلم وسيلة منا لوسائل ليس مقصوداً لنفسه من حيث النظر الشرعي، وإنما هو وسيلة إلى العمل.

هـ - وعلى المبلغ تحديد الهدف من بلاغه بدقة، والبدء بالمهم فالأهم، وأن يعرف كيف يبدأ وما هو مضمون دعوته وأن يعرف رسالته بدقة فالرسالة رسالة إحياء وبعث، ولن يتم الإحياء إلا بتصحيح مفهوم العقيدة،،وتصحيح مفهوم التوحيد بمعناه السلفي الشامل، توحيد الأئمة وسلف الأمة، وأن يدعو الناس على أن يقيموا حياتهم على (قبول شرع الله ورفض ما سواه (9))

و - ومن مقتضيات البلاغ المبين كذلك: إيجاد (واقع) دعوي يؤمن بفكرة الداعية لا بشخص الداعية، وغني عن القول أن نذكر أن فكرة الداعية حتماً وأن تكون نابعة من أصول وتصورات أهل السنة والجماعة ..... فالداعية حين يجد من يؤمن بفكرته وتصوره تزداد همته ويزداد وضوح الفكرة في قلبه وعقلة، ويزداد (إقبال الناس على (الأفكار) لوجود (واقع) عملي لها، وقد كان السلف الصالح _رضوان الله عليهم_ ينادون كل صاحب سنّة ويدعونه إلى إقامة (واقع) له على منهج أهل السنة والجماعة فروى ابن وضاح عن غير واحد:

أن أسد بن موسي المسمى (أسد السنة) كتب إلى أسد بن الفرات: اعلم أي أخي أن ما حملني على الكتابة إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس وحسن حالك مما أظهرت من السنة وعيبك لأهل البدعة، وكثرة ذكرك لهم، و طعنك عليهم، فقمعهم الله بك وشد بك ظهر أهل السنة، وقواك عليهم بإظهار عيبهم والطعن عليهم ...

ثم ذكر بعد كلام ......... (فاغتنم ذلك وادع إلى السنة حتى يكون لك في ذلك فئة وجماعة يقومون مقامك إن حدث لك حدث، فيكونون أئمة بعدك، فيكون لك ثواب ذلك إلي يوم القيامة كما جاء الأثر فأعمل على بصيرة ونية وحسبة (10).

وأخيراً وليس بآخر: فإن نجاحنا في الإقلاع بالأمة مرهون بمدى أدائنا للبلاغ المبين الواضح الناصع القوي الواسع الانتشار، وذلك أداء لأمانة الدعوة) (11 (.

أسأل الله بكرمه وفضله أن يرزقنا حسن البلاغ وأن يجعله (بلاغاً مبيناً)، وأن يرزقنا الإخلاص والصدق معه، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يغفر ويرحم كل صاحب (بلاغ مبين) آمين .... آمين .... آمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آلة وصحبة أجمعين.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


ثبت المراجع
(1) معجم مقاييس اللغة 1/ 201
(2) تهذيب اللغة9/ 14 نقلا عن (قواعد الدعوة إلى الله) د. همام عبد الرحيم.
(3) لسان العرب 10/ 302.
(4) المعجم الوجيز61.
(5) تفسير القرطبي6/ 242.
(6) معالم السنن للخطابي 4/ 187.
(7) تهذيب الموافقات للجيزاني طبعة مكتبة ابن الجوزي40.
(8) السابق37.وأصل كتاب الموافقات للشاطبي رحمة الله.
(9) السابق.
(10) أهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى. محمد عبد الهادي المصري.
(11) أ. خالد أبو الفتوح (رؤية في مسيرة العمل الإسلامي) البيان155.ص95
رابط آخر للموضوع:
http://www.saaid.net/aldawah/375.htm

ـ[محمد بشري]ــــــــ[08 - 12 - 07, 03:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا ووفق الله الشيخ عبد المجيد لما يحبه ويرضاه.

ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[01 - 06 - 08, 11:54 ص]ـ
جزاك الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير