تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدليل الرابع: أنه صح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما لا يضحيان مخافة أن يظن أن الأضحية واجبة (18). وعن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: أني لأدع الأضحية، وأنا من أيسركم، كراهة أن يعتقد الناس أنها حتم واجب. أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح، وذكره البيهقي عن ابن عباس وابن عمر وبلال رضي الله عنهم (19).

قلت: وإذا صح الوجوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن قول غيره حجة عليه.

الدليل الخامس: التمسك بالأصل، فإن الأصل براءة الذمة حتى يقوم دليل الوجوب السالم من المعارضة.

قلت: وهذا دليل قوي جدا لكن القائلين بالوجوب يقولون: إنه قد قام دليل الوجوب السالم من المعارضة فثبت الحكم.

الدليل السادس: أن رجلا قال: يا رسول الله، أرايت إن لم أجد إلا منيحة أنثى أفأضحي بها؟ قال: ((لا، ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك وتقص شاربك، وتحلق عانتك، فتلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل)). رواه أبو داود والنسائي، ورواته ثقات (20). والمنيحة: شاة اللبن تعطى للفقير يحلبها ويشرب لبنها ثم يردها، وهذا سنة، ولو كانت الأضحية واجبة لم تترك من أجل فعل السنة، إذ المسنون لا يعارض الواجب. وهذا تقرير جيد وفيه تأمل.

قال شيخ الإسلام ابن تيميه: والأظهر وجوبها (يعني الأضحية) فإنها من أعظم شعائر الإسلام، وهي النسك العام في جميع الأمصار، والنسك مقرون بالصلاة، وهي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته، وقد جاءت الأحاديث بالأمر بها، ونفاه الوجوب ليس معهم نص، فإن عمدتهم قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد أن يضحي ودخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره)) (21). قالوا: والواجب لا يعلق بالإرادة، وهذا كلام مجمل، فإن الواجب لا يوكل إلى إرادة العبد، فيقال: إن شئت فافعله، بل يعلق الواجب بالشرط لبيان حكم من الأحكام.

قلت: مثل أن تقول: إذا أردت أن تصلي الظهر فتوضأ، فصلاة الظهر واجبة لكن تعليقها بالإرادة لبيان حكم الوضوء لها.

قال شيخ الإسلام في بقية كلامه على الأضحية: ووجوبها مشروط بأن يقدر عليها فاضلا عن حوائجه الأصلية كصدقة الفطر. اهـ. ملخصاً من ((مجموع الفتاوى)) لابن قاسم (من ص162 ـ 164 ـ مجلد 32).

هذه آراء العلماء وأدلتهم سقناها ليبين شأن الأضحية وأهميتها في الدين، والأدلة فيها تكاد تكون متكافئة، وسلوك سبيل الاحتياط أن لا يدعها مع القدرة عليها، لما فيها من تعظيم الله وذكره وبراءة الذمة بيقين.


(7) رواه أحمد (2/ 321) وابن ماجه، كتاب الأضاحي، باب الأضاحي واجبة هي أم لا؟ رقم (3123)،والحاكم (2/ 389).

(8) رواه أحمد (4/ 215) وأبو داود، كتاب الأضاحي، باب ما حاء في إيجاب الأضاحي، رقم (2788)، والترمذي، كتاب الأضاحي، باب رقم (18) حديث الأضاحي، باب الأضاحي واجبة هي أم لا؟ رقم (3125).

(9) تقدم تخريجه.

(10) رواه البخاري، كتاب العقيقة، باب الفرع، رقم (5473) ومسلم، كتاب الأضاحي باب الفرع والعتيرة، رقم (1976)

(11) أخرجه أحمد (1/ 231)، والحاكم (1/ 300) والبيهقي (9/ 264)

(12) أخرجه أحمد (6/ 8391)، والبزار (9/ 319) وابن ماجه، كتاب الأضاحي باب أضاحي رسول الله النبى صلي الله عليه وعلي آله وسلم، رقم (3122).

(13) ((مجمع الزوائد)) (4/ 22).

(14) راجع: أحمد (6/ 391) والطبراني في ((الكبير)) (1/ 311) ابن ماجه رقم (3122)، والبيهقي (9/ 259) والحاكم (2/ 425)

(15) رواه مسلم، كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد .. ، رقم (1977) وأبو داود، كتاب الضحايا باب الرجل يأخذ من شعره في العشر، رقم (2971)، والترمذي، كتاب الأضاحي، باب من ترك أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي، رقم (1523)، والنسائي، كتاب الضحايا باب رقم (1) حديث رقم (4361)، وابن ماجه، كتاب الأضاحي، باب من أراد أن يضحي فلا يأخذ في العشر .. ، رقم 03149)

(16) رواه مسلم، كتاب الأضاحي، رقم (1977)

(17) رواه البخاري، كتاب الحج، باب مهل أهل الشام، رقم (1526)، ومسلم، كتاب الحج باب مواقيت الحج والعمرة، رقم (1181)

(18) ((السنن الكبري) للبيهقي (9/ 264).

(19) ((السنن الكبري)) البيهقي (9/ 265)

(20) رواه أبو داود، كتاب الضحايا، باب ما جاء في إيجاب الضاحي، رقم (2789) والنسائي، كتاب الضحايا باب من لم يجد الأضحية، رقم (4365).

(21) سبق تخريجه ص12

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير