تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الثناء على أصحاب المشاركات المتميزة]

ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[11 - 12 - 07, 04:46 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الحمد لله رب العالمين والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن المتأمل في حال النفس البشرية وما يعتريها من التقلبات السريعة بين الفتور والنشاط والهم والانبساط والحزن والسرور وغيرها من المتضادات الَّتِيْ تمر في حياة الفرد منا، ليتعجَّب من عظيم صنع الله تَعَالَى، و يتأكَّد إيمانه بحكمة الله وقدرته، وجلاله وعظمته، فبينا الشخص مغضبا إذا به في غاية الانبساط، بسبب خبر سمعه، أو كلمة قرأها، فسبحانه وتعالى القائل في محكم تنزيله {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}، ولا أريد الحديث عن النفس وبديع صنع الله فيها، أو الحديث عن التقلبات الَّتِيْ تصيبها بين فترة وأخرى، وكيفية تهذيب النفس وتربيتها، أريد أن أتحدث عن أثر التشجيع والمدح على هذه النَّفس، وكيف يجعل المُشَجَّعَ أو الممدُوحَ يبذل جهده أو وقته أو ماله أو غيرها من الأمور الَّتِيْ يستطيعها لمن مدح أو شجَّع، أو يزيد في الخير الَّذِيْ مُدح من أجله.

وبما أنا نكتب في المنتديات الحوارية، والملتقيات العلمية، فإن الشخص تمر به أوقات يود لو أنه يستطيع أن يشتري أوقات غيره، لتحرير مسائل جديدة لإخوانه الذين مدحوه، من أجل بحث كتبه، أو مشاركة محرَّرة وضعها، أو تخريج حديث أجاد فيه، أو غيرها من المشاركات العلمية، أو موضوع من المواضيع الدنيوية وضعه في أحد المنتديات العادية الَّتِيْ يرتادها الناس بجميع طبقاتهم، فإذا زاد عدد الشاكرين أو المثنين فإنه يكاد يخرج من ثيابه فرحا بكلامهم، وشكرا لثنائهم، وكلما ازداد الثناء، زادت همته في البذل والعطاء، بينما نجد العكس تماما، فبعض المشاركين إذا رأى أن الردود على مشاركاته قليلة، أو رأى من الكتاب والمشاركين إعراضا أو توبيخا، أو لمس منهم عدم الفهم لما يَقُوْل _ لقلة علمهم، أو قصور فهمهم _ أعرض عن ذلك الموقع، وزهدت فيه نفسه، ورأى أن الكتابة فيه مضيعة للأوقات، وبذل الفوائد لمن لا يستحق، وربما حذف الموقع من المفضَّلة، وتجد البعد عن المواقع الحوارية أو القرب منها في كثير من الأحيان متعلق بهذا الأمر، فالمكان الَّذِيْ يُمدحُ ويثني عليه فيه، يزيد فيه من المشاركات، ويحرص على البقاء فيه، وربما جعله الصفحة الرئيسية في جهازه، فلا يفتتح التصفح إلا به، ولا يختمه إلا به، والمكان الَّذِيْ لا يمدح فيه، يتركه ويهجره، ويرى أنه لا يستحق أن يعطيه من فوائده ومشاركاته.

وقد قرأت كلاما قيِّما لابن الجوزي رَحِمَهُ اللهُ في كتابه النافع _ صيد الخاطر _ عن هَذَا الأمر، ثم نبَّه على الفائدة الَّتِيْ تستحق أن تكتب بماء الذهب، والتي أرى أن كل كاتب أو قارئ يجب أن يتدبرها ويفهمها ثم يعمل بها

قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: ((قرأتُ من غرائِبِ العلمِ، وعَجَائِبِ الحِكَمِ، عَلَى بَعْضِ مَن يدَّعِي العِلَمَ، فرأيتُهُ يَتَلَوَّى مِنْ سَمَاعِ ذلكِ، ولا يَطَّلِعُ على غَوْرِهِ، ولا يَشْرَئِّبُ إلى ما يأتي، فصدفت عن إسماعه شيئاً آخر، وقلت: إنما يصلح مثل هذا لذي لب يتلقاه تلقي العطشان الماء.

ثم أخذت من هذه إشارة هي: أنه لو كان هذا يفهمُ ما جرى، ومدحني لحسنِ ما صنعتُ، لَعَظُمَ قَدْرُهُ عِنْدِي، ولأَرَيْتُهُ مَحَاسِنَ مَجْمُوعَاتِي وَكَلامِي، وَلَكِنِّي لَمَّا لَمْ أَرَه أهلاً صَرفتُهَا عنه، وصَدَفْتُ بِنَظَرِي إِلَيْهِ.

وكانت الإشارة:

*.* أن الله عز وجل، قد صنف هذه المخلوقات فأحسن التركيب، وأحكم الترتيب ثم عرضها على الألباب

فأي لُبٍّ أوغلَ في النَّظَرِ مَدَحَ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ فَأَحَبَّهُ المُصَنِّفُ

*.* وكَذَلِكَ أَنْزَلَ القُرْآنَ يَحْتَوِي عَلَى عَجَائِبِ الْحِكَمِ

فَمَنْ فَتَّشَهُ بِيَدِ الْفَهْمِ، وَحَادَثَهُ فِي خُلُوِّ الْفِكْرِ، اسْتَجْلَبَ رِضَى المُتَكَلِّمِ بِهِ وَحَظِيَ بِالزُّلْفَى لَدَيْهِ.

وَمَنْ كَانَ ذِهْنُهُ مُسْتَغْرِقَ الْفَهْمِ بِالْحِسِّيَّاتِ، صُرِفَ عَنْ ذِلِكَ المَقَامِ.

قال الله عز وجل: {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}. اهـ

أقول أنا الفقير إلى الله خالد بن عمر:

فكيف تريد أن يفتح الله عليك، فتكون من العالمين بكتابه، الموقنين به، المؤمنين به، المستنبطين منه العلم والحكم وغيرها، وأنت لا تحافظ على ورد يومي للقراءة، ولا تتفكر في الشهر في آية، ولا تعظِّم القرآن حقَّ التعظيم، وهو كلام العلي العظيم، بينما تتعجب من بلاغة بعض المشاركين، وحسن كلامهم، وجودة ترتيبهم، فتمدحهم على ما قالوا، وتشكرهم إذا كتبوا.

فالله أحق أن يمدح

والله أحق أن يشكر

والله أحق أن يذكر

والله أحق أن يعظَّم

وكتابُ الله أحق أن يُقرأَ ويُتدبَّرَ

فمتى العودة الصادقة أخي إلى كتاب الله تَعَالَى

أسأل الله أن يصلح فساد قلوبنا، وأن يردنا إليه ردّا جميلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير