تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الأكل فهو ضروري ولم يجعل الله أبدان الحيوان تقوم إلا بالغذاء فلو لم يكن يأكل لمات فثبت بهذا أن التداوي ليس من الضرورة في شيء.

وثانيها: أن الأكل عند الضرورة واجب. قال مسروق: من اضطر إلى الميتة فلم يأكل فمات دخل النار والتداوي غير واجب ومن نازع فيه: خصمته السنة في المرأة السوداء التي خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين الصبر على البلاء ودخول الجنة وبين الدعاء بالعافية. فاختارت البلاء والجنة.

ولو كان رفع المرض واجبا لم يكن للتخيير موضع كدفع الجوع وفي دعائه لأبي بالحمى وفي اختياره الحمى لأهل قباء وفي دعائه بفناء أمته بالطعن والطاعون وفي نهيه عن الفرار من الطاعون. وخصمه حال أنبياء الله المبتلين الصابرين على البلاء حين لم يتعاطوا الأسباب الدافعة له: مثل أيوب عليه السلام وغيره. وخصمه حال السلف الصالح؛ فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين قالوا له: ألا ندعو لك الطبيب؟ قال: قد رآني قالوا: فما قال لك؟ قال: إني فعال لما أريد. ومثل هذا ونحوه يروى عن الربيع بن خيثم المخبت المنيب الذي هو أفضل الكوفيين أو كأفضلهم وعمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الهادي المهدي وخلق كثير لا يحصون عددا. ولست أعلم سالفا أوجب التداوي وإنما كان كثير من أهل الفضل والمعرفة يفضل تركه تفضلا واختيارا؛ لما اختار الله ورضى به وتسليما له وهذا المنصوص عن أحمد وإن كان من أصحابه من يوجبه ومنهم من يستحبه ويرجحه. كطريقة كثير من السلف استمساكا لما خلقه الله من الأسباب وجعله من سنته في عباده.

وثالثها: أن الدواء لا يستيقن بل وفي كثير من الأمراض لا يظن دفعه للمرض؛ إذ لو اطرد ذلك لم يمت أحد بخلاف دفع الطعام للمسغبة والمجاعة فإنه مستيقن بحكم سنة الله في عباده وخلقه"

هذا من شيخ الاسلام في تفريقه بين حكم التداوي وحكم الاكل عند الجوع والمخمصة، ووجدت له كلاماً مقيدا لكلامه السابق.

فقال رحمه الله في الفتاوى ايضا:

"فكل ما قاله بعد النبوة وأقر عليه ولم ينسخ فهو تشريع لكن التشريع يتضمن الإيجاب والتحريم والإباحة ويدخل في ذلك ما دل عليه من المنافع في الطب.

فإنه يتضمن إباحة ذلك الدواء والانتفاع به فهو شرع لإباحته وقد يكون شرعا لاستحبابه؛ فإن الناس قد تنازعوا في التداوي هل هو مباح أو مستحب أو واجب؟. والتحقيق: أن منه ما هو محرم ومنه ما هو مكروه ومنه ما هو مباح؛ ومنه ما هو مستحب وقد يكون منه ما هو واجب

وهو [يعني الواجب]: ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره كما يجب أكل الميتة عند الضرورة فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء وقد قال مسروق. من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار.

فقد يحصل أحيانا للإنسان إذا استحر المرض ما إن لم يتعالج معه مات والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة كالتغذية للضعيف وكاستخراج الدم أحيانا."

والله اعلم

ـ[توبة]ــــــــ[13 - 12 - 07, 05:28 م]ـ

هذا مقيد بامكانية بل وتيقن ازالة الهلاك بالعلاج، فيتحتم.

ولكن اذا كان العلاج لا يرفع الهلاك فلا يجب .. حينها.

وهو [يعني الواجب]: ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره كما يجب أكل الميتة عند الضرورة فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء

صعب أخي أن يُجزَم بتيقن نفع العلاج، عكس اليقين بالهلاك._طبيا_

و إن استشكلتُ استدلالَ شيخ الاسلام في أول كلامه،وكذلك قياسَه اللجوءَ إلى التداوي بأكل الميتة عند الضرورة،

ثم أليس حديث الأمة التي خيرها الرسول عليه الصلاة و السلام، بين الدعاء بالشفاء و بين الصبر،يستدل به على استحباب الصبر على الأذى و المرض،و الذي قد لا ينفع فيه علاج، على وجه العموم؟

أي أن المبتلى إذا لجأ إلى التداوي، و لم ينتفع بدواء الطبيب، فصبر على ذلك، هل سيكون أجره أقل من ذاك الذي اختار عدم التداوي من أول الأمر؟

ثم ألم يؤكد العلماء أن التداوي لا ينافي التوكل؟ و أنه من باب الأخذ بالأسباب؟

و الذي لا يرى حكم وجوب التطبب لمن تيقن الهلاكَ بتركه، ألا يرد قولَه بأنّ حكم تارك العلاج سيكون كمن ألقى بنفسه إلى التهلكة؟

ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[16 - 12 - 07, 02:08 ص]ـ

بورك فيك .. كلام ابن تيمية في سياقه الاول كان عند حديثه عن التداوي بالمحرم.

و الذي لا يرى حكم وجوب التطبب لمن تيقن الهلاكَ بتركه، ألا يرد قولَه بأنّ حكم تارك العلاج سيكون كمن ألقى بنفسه إلى التهلكة؟

فماذا نقول اذا كان على هذا جماهير العلماء والفقهاء؟!

فليس التسليم لامر الله وحكمه -عندهم- من القاء النفس في المهالك.

ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[16 - 12 - 07, 02:13 ص]ـ

اختي "توبة" وفقك الله

لم لا تراجعين اقوال العلماء في مسالة (الاكراه على التداوي)، فستجدين ما يؤيد كلامي.

ـ[توبة]ــــــــ[16 - 12 - 07, 12:54 م]ـ

بارك الله فيك أخي الكريم، و أنا طرحت إشكالات عندي فحسب،و لم أقصد رد أقوال العلماء.

و سأراجع أقوالهم في الاكراه على التداوي _إن شاء الله_

المبتلى إذا لجأ إلى التداوي، و لم ينتفع بدواء الطبيب، فصبر على ذلك، هل سيكون أجره أقل من ذاك الذي اختار عدم التداوي من أول الأمر؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير