تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - وقال آخرون: إن التطير منفي ولا وقوع له، ولكن لما كانت هذه الأشياء هي أكثر ما يتطيَّر به الناس أبيح لمن وقع في نفسه شيء نحوها أن يتركه ويستبدل به غيره، حتى يغلق باب التطير ويرتاح من تحديث نفسه بذلك.

4 - وحمل بعضهم الشؤم على ظاهره، ولكن فسّره بمعنًى جَرَى قدر الله بوقوعه لدى بعض الناس، فيكون المسلم مأموراً حينئذٍ بمجانبة ما يكره.

5 - قال الخطابي رحمه الله: "معناه: إبطال مذهبهم في الطيرة بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوها، إلا أنه يقول: إن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس لا يعجبه ارتباطه فليفارقها بأن ينتقل عن الدار ويبيع الفرس، وكان محل هذا الكلام محل استثناء الشيء من غير جنسه، وسبيله سبيل الخروج من كلام إلى غيره، وقد قيل: إن شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها، وشؤم المرأة أن لا تلد" ([28]).

6 - وقيل: بل هو بيان أنه لو كانت الطيرة ثابتة لكانت في هذه الأشياء، لكنها غير ثابتة في هذا الأشياء، فلا ثبوت له أصلاً.

قال ابن القيم رحمه الله: "وبالجملة فإخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعياناً مشؤومة على من قاربها وسكنها، وأعياناً مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولداً مباركاً يريان الخير على وجهه، ويعطي غيرهما ولداً وشراً مشؤوماً نذلاً يريان الشر على وجهه، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها، فكذلك الدار والمرأة والفرس.

والله سبحانه خالق الخير والشر والسعود والنحوس، فيخلق بعض هذه الأعيان سعوداً مباركةً، ويقضي بسعادة من قارنها، وحصول اليمن له والبركة، ويخلق بعض ذلك نحوساً يتنحس بها من قارنها، وكل ذلك بقضائه وقدره، كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة؛ فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ولذذ بها من قارنها من الناس، وخلق ضدّها وجعلها سبباً لإيذاء من قارنها من الناس، والفرق بين هذين النوعين يُدرك بالحس، فكذلك في الديار والنساء والخيل، فهذا لون، والطيرة الشركية لون آخر" ([29]).


([1]) الدين الخالص (2/ 144).

([2]) شرح مسلم (5/ 27).

([3]) أخرجه البخاري في الطب، باب: لا هامة (5757) واللفظ له، ومسلم في السلام (2220).

([4]) شرح مسلم (14/ 470).

([5]) مفتاح دار السعادة (3/ 280).

([6]) فتح الباري (10/ 241).

([7]) شرح السنة (12/ 171).

([8]) القول المفيد (2/ 85).

([9]) أخرجه أبو داود في الطب، باب: ما جاء في الطيرة (3910) واللفظ له، والترمذي في السير، باب: ما جاء في الطيرة (1614) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، ونقل عن البخاري أن سليمان بن حرب كان يقول: كلمة ((وما منا إلا ... )) من كلام ابن مسعود، وصححه الألباني في الصحيحة (429).

([10]) شعب الإيمان (2/ 62).

([11]) شرح مسلم (14/ 471).

([12]) فتح الباري (10/ 213).

([13]) الدين الخالص (2/ 142).

([14]) القول المفيد على كتاب التوحيد (2/ 77 - 78).

([15]) عزاه المنذري في الترغيب (4/ 25) إلى البزار، وجوَّد إسناده، وقال الهيثمي في المجمع (5/ 117):"رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع وهو ثقة"، وحسنه الألباني بشواهده في غاية المرام (289).

([16]) انظر: فتح الباري (10/ 215).

([17]) أخرجه أحمد (3/ 477)، وأبو داود في الطب، باب في الخط وزجر الطير (3907) واللفظ له، والنسائي في الكبرى (111108)، صححه ابن حبان (6131)، وحسن إسناده النووي في رياض الصالحين (ص380)، ورمز له السيوطي بالصحة، وأعله الألباني في غاية المرام (301) بالجهالة والاضطراب.

([18]) رياض الصالحين (ص380).

([19]) فيض القدير (4/ 395).

([20]) الدين الخالص (2/ 141).

([21]) أخرجه أحمد (6/ 381)، والشافعي في السنن (410)، وأبو داود في الأضاحي، باب: في العقيقة (2835)، والحميدي (437)، قال الهيثمي في المجمع (5/ 106): "رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها ثقات"، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2459).

([22]) السنن (2/ 64).

([23]) انظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم (2838).

([24]) انظر: مفتاح السعادة (3/ 282 - 283).

([25]) أخرجه البخاري في الجهاد، باب: ما يذكر من شؤم الفرس (2858) واللفظ له، ومسلم في السلام، باب: الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم (2225).

([26]) ينظر في ذلك: التمهيد لابن عبد البر (9/ 279)، وشرح السنة للبغوي (9/ 13)، ومفتاح دار السعادة (3/ 332)، والآداب الشرعية لابن مفلح (3/ 359)، وفتح الباري لابن حجر (6/ 36)، والسلسلة الصحيحة رقم (1897).

([27]) أخرجه أحمد (6/ 246)، والبيهقي في الكبرى (8/ 140)، وصححه الحاكم (2/ 479).

([28]) معالم السنن (4/ 237).

([29]) مفتاح دار السعادة (3/ 342 - 343

موسوعه البحوث المنبريه

اللهم أغفر لي ولكم
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير