ومنها عن شيبة بن عثمان يرويه عنه عبد الرحمن بن الرجاج قال: أتيت شيبة بن عثمان فقلت: يا أبا عثمان إن ابن عباس يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[425]
دخل الكعبة فلم يصل؟ قال: بلى صلى ركعتين عند العمودين المقدمين ثم ألزق بهما ظهره
أخرجه الطحاوي من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز عنه
وعبد الله هذا ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهما
وأما عبد الرحمن بن الرجاج فلم أعرفه وقد أورده في (المجمع) بنحوه وقال:
(رواه الطبراني في (الكبير) وفيه عبد الرحمن بن الزجاج - كذا بالزاي وفي الطحاوي بالراء - ولم أجد من ترجمه)
قلت: ولعل الحافظ العسقلاني عرفه فقد قال:
(أخرجه الطبراني بإسناد جيد)
لكن يشكل عليه أنه من طريق ابن هرمز وقد ضعفه هو في (التقريب) بيد أنه يحتمل أن يكون الطبراني رواه من غير طريقه. والله أعلم
ومنها عن عثمان بن طلحة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت فصلى ركعتين وجاهك حين تدخل بين الساريتين
أخرجه الطحاوي وأحمد والطبراني في (الكبير) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عنه
وهذا سند قوي كما قال الحافظ ورجاله رجال مسلم
[426]
وروى منه الطيالسي الصلاة في الكعبة من هذا الوجه. وعنه البيهقي وقال:
(فيه إرسال بين عروة وعثمان). وتعقبه ابن التركماني بقوله:
(قلت: عروة سمع أباه الزبير وحديثه عنه مخرج في (صحيح البخاري) في مواضع والزبير أقدم موتا من عثمان بن طلحة فلا مانع من سماع عروة من عثمان وعلى أن صاحب (الكمال) صرح بسماعه منه)
ومنها عن جابر قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت يوم الفتح فصلى فيه ركعتين. أخرجه الطحاوي من طريق أبي الزبير عنه
ورجاله ثقات لكن أبو الزبير مدلس وقد عنعنه
هذا وقد استشكل قول ابن عمر في الروايات السابقة عنه عن بلال أنه قال: نعم صلى ركعتين. مع قوله في الرواية الأولى من طريق نافع عنه: ونسيت أن أسأله كم صلى
وقد أجاب عن ذلك البيهقي وغيره بأنه (يحتمل أن يكون ابن عمر أخبر عن اقل ما يكون صلاة وسكت عما زاد عليهما لأنه لم يسأل بلالا)
فعلى هذا فقوله: ركعتين. من كلام ابن عمر لا من كلام بلال وهو بعيد كما ترى ومع ذلك فقد قال الحافظ بعد أن ذكر نحو هذا الجمع:
(وقد وجدت ما يؤيد هذا ويستفاد منه جمع آخر بين الحديثين وهو ما أخرجه عمر بن شبة في كتاب مكة من طريق عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع
[427]
عن ابن عمر في هذا الحديث: (فاستقبلني بلال فقلت: ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ههنا؟ فأشار بيده أي صلى ركعتين بالسبابة والوسطى) فعلى هذا يحتمل قوله: نسيت أن أسأله كم صلى. على أنه لم يسأله لفظا ولم يجبه لفظا وإنما استفاد منه صلاة الركعتين بإشارته لا بنطقه)
قلت: وهذا أقرب من الجمع الأول
ثم إن الحافظ قد أبعد النجعة حيث عزا حديث ابن أبي رواد لابن شبة مع أنه في (المسند) باللفظ المذكور تماما
هذا ولحديث ابن عمر طرق أخرى مختصرا عند الطيالسي وأحمد والبيهقي والطحاوي بلفظ:
(صلى في البيت). زاد في رواية:
(وسيأتي من ينهاكم عنه فتسمعون منه. قال - يعني ابن عباس -. زاد أحمد:
(قال: وكان ابن عباس جالسا قريبا منه)
وسنده صحيح على شرط مسلم وهو من طريق شعبة عن سماك الحنفي: سمعت ابن عمر به
ورواه سعد عن سماك قال: سمعت ابن عباس يقول: لا تجعل شيئا من البيت خلفك وأتم به جميعا. وسمعت ابن عمر يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
[428]
وسنده صحيح أيضا على شرطه
وقول ابن عباس هذا رواه الطبراني أيضا بلفظ:
ما أحب أن أصلي في الكعبة من صلى فيها فقد ترك شيئا خلفه ولكن حدثني أخي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين دخلها خر بين العمودين ساجدا ثم قعد فدعا ولم يصل. قال في (المجمع):
(رواه الطبراني في (الكبير) وفيه ابن إسحاق وهو ثقة لكنه مدلس)
قلت: وقد صح عن ابن عباس أنه كان ينفي كون النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وهو لم يشاهد ذلك وإنما كان يروي ذلك تارة عن أخيه الفضل كما في هذه الرواية وكذلك هي في (المسند) وغيره من طرق أخرى. وتارة يرويه عن أسامة بن زيد كما في مسلم وغيره ولعله يأتي حديثه في استقبال القبلة إن شاء الله تعالى
¥