تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لذلك نقول: إن الانخراط في المجتمع، والاندماج فيه، والتعرف على مكوناته ومؤثراته، ودراسة الظواهر الاجتماعية، ومعرفة أسبابها، والمساهمة في دوائر الخير، ومحاولة التوسع فيها، على هدى وبصيرة، وعدم تشكيل أجسام بعيدة عن المجتمع، منفصلة عنه، وإقامة هياكل وكيانات وخيام خارج المجتمع والحياة، أو السير خلف المجتمع ورصد تصرفاته والحكم عليها، بدل الدخول في المجتمع وإغرائه بفعل الخير، هو سبيل الخروج ومعاودة إخراج الأمة من جديد.

وكل ذلك لا يتأتي إلا بعلم وفقه الواقع،لقد أصبح "الوعي بالواقع"، أو" فقه المجتمع"، علم له أدواته ووسائل قياسه، بل نستطيع أن نقول: إنه أصبح خلاصة لمجموعة علوم إنسانية واجتماعية وتاريخية، ولم تعد تنفع معه النظرة العابرة، أو الملاحظة الآنية، أو الأُمنية المخلصة.

وقد لا نكون بحاجة إلى التأكيد بأن علوم فقه الواقع تتقدم بسرعة، وتتأصل بشكل مذهل، وتتشعب إلى شعب تخصصية دقيقة، في محاولة لتغطية جميع مساحات الحياة .. ففي علم الاجتماع والمجتمع بات هناك علوم اجتماع متنوعة بحسب موضوعاتها في الميادين السياسية والاقتصادية .. وعلوم الإنسان بلغت شأوًا، وبدأت تضع يدها على حقائق لا يمكن تجاهلها ولا تجاوزها .. وعلم النفس يتقدم ليدخل المواقع كلها، ويحتل مكانه، ويدلي بشهادته على كل حالة، ولعلنا نقول: إنه تجاوز إمكانية قراءة الحاضر إلى محاولة صناعة المستقبل، وتحضير الناس له بزرع اهتماماتهم وتشكيل أهدافهم.

حتى أنه يمكن القول: بأن وسائل وأدوات سبر حقيقة المجتمع، وكشف خفاياه، ومعرفة واقعه، وتحديد وجهاته، أصبحت علوماً، فعلم الإحصاء وحصر الإمكانات والاستطلاعات والمسح والبحث الاجتماعي بوسائل منهجية للتقويم والقياس لم يعد أرقاماً جامدة، وإنما يعبر عن مؤشرات ويحمل دلالات لا يمكن تجاهلها عند أي دراسة أو تخطيط أو تجديد أو تنمية للموارد البشرية والمادية .. فلم يعد علم الإحصاء أداة ووسيلة، وإنما أصبح مقوماً لا يمكن تجاوزه.

حتى أن استطلاع الرأي والتعرف على التحولات الاجتماعية وأسبابها، أصبح علماً وفناً، لا يقتصر على قراءة الحاضر وإنما يتجاوز إلى التأثير فيه والتوجيه له.

وليست الاستبيانات وفنية وضعها وما يطرح فيها من أسئلة، وما يتوصل إليه من نتائج، بأقل شأنًا في فقه الواقع وامتلاك مفاتحه، والدخول إليه من أبوابه، بعيداً عن المجازفات والخبط الأعشى. [6]

وفي دول الغرب الآن نجد أن السر في قوتها (هو تكامل الفكر والسياسة، واعتماد رجال التخطيط والتنفيذ في دوائر السياسة والإدارة على ما يقدمه رجال الفكر العاملون في مراكز البحوث والدراسات خلال اللقاءات الدورية التي تجمع بين الفريقين لمناقشة وتقويم القضايا الداخلية والخارجية، ففي بلد كالولايات المتحدة هناك حوالي تسعة الآف مركز بحوث ودراسات متخصصة في بحث شؤون السياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة والتربية.) .. [7].

ج-الوعي بالواقع وفتح الملفات

تتبني حركة الإحياء الإسلامي التي تسعي للتمكين لدين الله في الأرض سياسة فتح الملفات، و سياسة فتح الملفات في الواقع هو أننا نقوم بفتح ملفات للموضوعات الهامة والشائكة التي تواجه الأمة وتواجه الفئة المسلمة، ونترك هذه الملفات مفتوحة لاستيعاب المستجدات الطارئة والمتغيرات الحادثة في مثل هذه العقبات والتحديات،والهدف من فتح الملفات هو "حل المغاليق المختلفة التي تواجه العمل الإسلامي و"اكتساب للخبرة اللازمة للعمل الإسلامي للتعاطي وفق المتغيرات المختلفة"حتي يستطيع العمل الإسلامي مواكبة المتغيرات وبإذن الله يكون هو البادئ بصناعة الحدث وليس المستقبل له، فضلاً عن ضرورة تواجد "العمل الإسلامي"في ساحة العمل، وحتى لا يفاجئ العمل الإسلامي بمشاكل لم تكن في الحسبان عند الوصول إلى التمكين بإذن الله، والملفات التي ينبغي أن تفتح كثيرة ومتجددة حسب حاجة العمل الإسلامي فهي ليست ملفات ورقية، ولذلك فسياسة فتح الملفات ينبغي أن تكون سياسة عملية وليست نظرية وإن كان الدور النظري له بعد ليس بالهين، ولكن البُعد الواقعي في فتح الملفات يضفي علي فتحها مصداقية ويساعد في إيجاد الحلول الصحيحة بعيداً عن التنظير الأجوف، وعي سبيل المثال فعند فتح ملف (للنصارى) في البلدان التي تعلو فيها وتيرة الصراع مع النصارى والصراع الطائفي مثل مصر والسودان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير