تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولبنان وغيرها من الدول علي سبيل المثال ينبغي أن نكون متابعين لآراء وشبهات النصارى من خلال مواقعهم،ومن خلال غرف البالتوك المختلفة والتعرف علي شبهتاهم التي يثيرونها بين الفينة والأخرى، والتعرف علي مؤسساتهم و تواجدهم في الأحزاب وتسليحهم ودرجة استفزازهم لمسلمين،ومثل ذلك الخطاب العلماني والتطور الحادث فيه ونوعه إن كان خطاب واضح غير ملتبس أو خطاب ملتبس مموّه غير واضح،وذلك حتي لا تخدع الفئة المسلمة وهي لا تدري أو يسرق كفاحها،نتيجة غفلة أهل الحق عن تدبير وسوء أهل الباطل [8]، وقس علي ذلك باقي الملفات التي ينبغي أن تفتح، ولا شك أن هذا يتطلب من العاملين للإسلام (امتلاك القدرة على فقه التعامل مع المجتمعات، والانفتاح المتزن أكثر، وفتح منافذ جديدة للدعوة، وامتلاك قدر أكبر من المرونة، مع الإبصار الكامل والدقيق والأمين للأهداف، والتقدير للإمكانيات .. ولايعني هذا بحال من الأحوال أن يكون دعاة الإسلام دماً جديداً في قوة الباطل، أو أن يوظف الإسلاميون لغير الأهداف الإسلامية، وإنما يعني: النزول إلى الساحة، وفهم واقع الناس؛ حتى يجيء الأخذ بيدهم ثمرة لهذا الفهم، ذلك أن الناس هم محل الدعوة، وهم جديرون بالشفقة والإنقاذ [9].

ويحتاج علم الوعي بالواقع وفقهه إلى شيئين مهمين:

أ- سعة الاطلاع:- نظرا لتشعب هذا العلم وشموله، فيحتاج المتخصص فيه إلى كثير من الفنون، سواء العلوم الشرعية كالعقيدة والفقه، أو العلوم الاجتماعية كالتاريخ، أو العلوم المعاصرة كالسياسية والإعلام، وهلم جرا. وإذا قصر في أي علم من هذه العلوم أو غيرها مما يحتاج إليه، فسينعكس ذلك سلبا على قدرته على فقه الواقع، وتقويم الأحداث، والحكم عليها.

ب- التجدد والاستمرار: فهذا العلم يحتاج إلى قدرة فائقة على المتابعة، والبحث في كل جديد، فهو يختلف عن كثير من العلوم - كما بينت آنفا -، لذا يلزم المتخصص أن يكون لديه دأب لا يكل في متابعة الأحداث، ودراسة أحوال الأمم والشعوب، فلو انقطع عنه فترة من الزمن أثر على تحصيله، وقدرته في فهم مجريات الأحداث وتقويمها. فهو أشبه بالطبيب الذي يلزمه أن يتابع كل جديد في مهنته، فلو أن طبيبا تخرج في الجامعة منذ عشر سنوات، بقي يعالج الناس من خلال دراسته الماضية، دون النظر لما استجد من مخترعات في وسائل العلاج، وما اكتشف من أدوية، لأصبح طبيبا متخلفا عن الركب، فجديد اليوم يصبح قديما في الغد وهكذا.

ولا أبالغ إذا قلت: إن الذي ينقطع عن متابعة الأحداث بضعة أشهر يحتاج إلى فترة مكثفة ليتمكن من ملاحقة الأحداث من جديد، وبخاصة في عصرنا الحاضر، الذي أصبح فيه العالم كقرية واحدة صغيرة، ما يقع فيه شرقه يؤثر يوميا في غربه، وإذا وقع حادث ذو بال في أمريكا أثر على أسواق اليابان في اليوم نفسه، وارتفاع الأسهم في (وول ستريت) بلندن، يؤثر على قيمة الفول في البرازيل [10].

* الآثار المترتبة علي تجاهل فقه الواقع

إذا تجاهلت الواقع تمامًا فربما فاتك:

1 - سد الذرائع:- وهى قاعدة أصيلة وركن ركين من أركان الشريعة [11]، كذلك وقعت في كثير من الزلل بسبب عدم النظر في المآلات والنظر في المآلات معتبر شرعًا وبه تصح الفتوى [12].

2 - اعتبار المناط الخاص:-

فكل رسول يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له وايجاب الفرائض والنهى عن المحرمات. وهناك محرمات أبدية خالدة لا تختلف من رسالة إلى أخرى، وهناك فرائض لا تخلو منها رسالة، ومع ذلك نجد أن القرآن يركز على قضايا معينة في رسالات معينة. والرسول من غير شك في سبيل بيان القواعد الشرعية يتناول كل المحرمات وكل الفرائض ويضعها في مكانها الصحيح في نطاقها الديني، وفي معالجة الانحرافات الواقعية ينشغل بقضايا معينة هى الانحرافات القائمة بالفعل وليس غيرها بحيث تكون هى ودعوة التوحيد صلب حواره معهم، وذلك في مثل قوله تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير