تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشيطان قلبه، فاتخذ فيه بيتا، وجعل له فيه عشا يبيض فيه ويفرخ،فاستحوذ عليه، يأمر القلب بالشهوات المحرمة، فيريدها قلبه، فيأمر الجوارح بفعلهافتفعله، لان الشيطان وجده قلبا خاليا عن التحصينات، مفتح الأبواب، ضعيفا مريضابفعل السيئات، ولهذا قال الله تعالى عن هذا النوع (استحوذ عليهم الشيطانفأنساهم ذكر الله)، لان ذكر الله تعالى هو الحصن من الشيطان، فأنساهم إياهليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جوراحهم له تبعا.

ـ والقلب لا يحصنمن الشيطان إلا بذكر الله تعالى ولا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح، ولايغلبه الشيطان إلا إن كان غافلا عن ذكر الله تعالى، ضعيفا بسبب فعل السيئاتوالمنكرات.

ـ والان بعد أن عرفت السبب في أن قلبك لا يطاوعك على إرادةالعمل الصالح، وترك السيئات، ولا يمكنه أن يثبت على الاستقامة، فالعلاج يكمن فيهذه الوصفة الطبية، خذها وداوم عليها فنتائجها مضمونة بإذن الله إن ثابرت عليهابصدق:

1ـ احرص على إقامة الصلوات الخمس في جماعة لاسيما صلاة الفجرفإياك أن تفوتك أبدا، قال الله تعالى (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) أيصلاة الفجر تشهدها الملائكة.

2ـ بعد صلاة الفجر امكث في المسجد لقراءةالقرآن إلى طلوع الشمس، ثم صل ركعتين بعد ارتفاعها قيد رمح (وقيد الرمح: مقدارعشرة دقائق من أول الشروق).

3ـ قل (سبحان الله وبحمده) مائة مرة كليوم في أي وقت في المسجد أو البيت، ماشيا، أو قاعدا، أو في السيارة .. الخ، وهذاالذكر يحت الخطايا حتا.

4ـ استغفر الله تعالى مائة مرة كل يوم، قائلا (أستغفر الله وأتوب إليه) كذلك في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون.

5ـ قل هذا الذكر مائة مرة (لاإله إلا الله وحده لاشريك له، له الملكوله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة كل يوم كذلك في أي وقت شئت، وعلى حالتكون، ولا يشترط في المسجد، وهذه الأذكار كان يداوم عليها النبي صلى الله عليهوسلم فهي حياة القلب وغذاؤه الذي لا يستغني عنه.

6ـ بين صلاتي المغربوالعشاء رابط في المسجد فلاتخرج منه واقرأ ما تيسر من القرآن بالتدبر.

7ـ يجب عليك الحمية التامة من النظر إلى التلفزيون، أو المجلات، أوالذهاب إلى أي مكان في منكرات، فأنت في حجر صحي لكي ترجع إلى قلبك عافيته، ولنينفعك الدواء وهي الحسنات، إن كنت تدخل عليه الداء في أثناء فترة العلاج، والداءهو السيئات.

8 ـ استمر على هذا البرنامج شهرا كاملا على الأقل، تعيشفيه مع القرآن تقرؤه بالتدبر، وتعمل بما فيه، وتخلو بنفسك لذكر الله تعالىالساعات الطوال، والدليل على الشهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك قال (اقرأ القرآن في شهر، اقرأه في خمس وعشرين، اقرأه في عشر، أقرأه في سبع) متفقعليه من حديث اين عمر.

9ـ إن كانت البيئة التي تعيش فيها لا تساعدكعلى تطبيق هذا البرنامج فغير بيئتك، اترك أصحاب السوء، وابتعد عن الأماكن التيتقضي فيها أوقات فراغك إن كانت تشجع على المعاصي، ولو استطعت أن تسافر إلى مكةمثلا لتطبق هذا البرنامج فافعل.

10ـ تصدق بجزء من مالك، توبة إلىالله تعالى، صدقة سر لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى، فقد صح في الحديث (صدقةالسر تطفئ غضب الرب) رواه ابن حبان من حديث أنس.

11ـ حاول أن تذهبإلى العمرة ناويا تجديد إيمانك وغسل ماضيك بماء هذه الرحلة المباركة قال صلى اللهعليه وسلم (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلاالجنة) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

12ـ إن كانت لديكحقوق للناس ردها كلها، ولا تترك منها شيئا في ذمتك توبة إلى الله.

13ـ ادع الله تعالى كل ليلة في وقت السحر قبل صلاة الفجر بهذا الدعاء (رب إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندكوارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) وهذا الدعاء (اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي) وهذان علمهما الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه، وأكثر من الاستغفار والدعاءفإن السحر (قبل الفجر) وقت يستجاب فيه الدعاء.

هذه هي وصفتك الطبية، ومدة الشهر غير مقصودة بالتحديد، فقد يظهر عليك التغير قبل ذلك، و قد تحتاج إلىالاستمرار إلى أكثر من شهر في هذا الحجر الصحي، والهدف منه هو طرد الشيطان منالقلب، وتنظيف آثاره، وأوساخه، وقاذوراته التي وضعها فيه، لأنها هي السبب في كونقلبك ضعيفا لا يستطيع إرادة الخير وفعل الصالحات، وينقاد بسرعة إلى نداء الشهوات.

فإن عاد إلى القلب عافيته، وصار سليما قويا بذكر الله تعالى، محصنامن كيد الشيطان، فخفف قليلا من هذا البرنامج على قدر ما تطيق، فقد قال صلى اللهعليه وسلم (عليكم بما تطيقون) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها، إلا إنكنت تطيق أكثر من ذلك، فزد من الخير مادام قلبك يحب العمل الصالح، فهذه الوظائفالإيمانية هي الدرجات عند الله، كلما أكثر العبد منها ارتفع وعلا في مدارج التقوى، واحسن أداء ما افترض الله عيك، وستلاحظ أن الأمور قد تغيرت بشكل عجيب، معمدوامتك على هذه الوصفة التي وصفت لك، وستجد نفسك تكره الوقوع في المعاصي، وستجدقلبك لا يريد فعلها، وينظر إليها نظرة احتقار وازدراء، وستحب العمل الصالح،وتنشط له، وتشعر بحلاوته في قلبك، والسر في هذا التغير، هو أنك عالجت القلب بذكرالله تعالى والعمل الصالح، فصار صحيحا يريد الخير ويحبه، بعد أن كان مريضا يريدالشر والسيئات ويحبها، قال الحق سبحانه (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه فيقلوبكم، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون، فضلا من اللهونعمة والله عليم حكيم) والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير