تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رعايتهاوأسأت، فإني معذبك ومعاقبك وأنزلك النار. قال: رضيت [يا] رب. وتَحمَّلها، فقال الله عز وجل: قد حَمَّلْتُكَهَا. فذلك قوله: {وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ}. رواه ابن أبي حاتم.

وعن مجاهد أنه قال: عرضها على السموات فقالت: يا رب، حملتني الكواكب وسكان السماء وما ذكر، وما أريد ثوابا ولا أحمل فريضة. قال: وعرضها على الأرض فقالت: يا رب، غرست فيّ الأشجار، وأجريت فيّ الأنهار وسكان الأرض وما ذكر، وما أريد ثوابا ولا أحمل فريضة. وقالت الجبال مثل ذلك، قال الله تعالى: {وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا} في عاقبة أمره. وهكذا قال ابن جُرَيْج.

وعن ابن أشوع أنه قال: لما عرض الله عليهن حمل الأمانة، ضَجَجْنَ إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن، وقلن: ربنا. لا طاقة لنا بالعمل، ولا نريد الثواب.

ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء الموصلي، حدثنا أبي، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم في هذه الآية: {إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ} [الآية]، فقال الإنسان: بين أذني وعاتقي فقال الله تعالى: إني مُعينك عليها، أي: معينك على عينيك بطبقتين، فإذا نازعاك إلى ما أكره فأطبق. ومعينك على لسانك بطبقتين، فإذا نازعك إلى ما أكره فأطبق. ومعينك على فرجك بلباس، فلا تكشفه إلى ما أكره.

ثم روي عن أبي حازم نحو هذا.

وقال ابن جرير: حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قول الله، عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} قال: إن الله عرض عليهن الأمانة أن يفترض عليهن الدين، ويجعل لهن ثوابا وعقابا، ويستأمنهن على الدين. فقلن: لا نحن مسخرات لأمرك، لا نريد ثوابا ولا عقابا. قال: وعرضها الله على آدم فقال: بين أذني وعاتقي. قال ابن زيد: فقال الله تعالى له: أما إذْ تحملت هذا فسأعينك، أجعل لبصرك حجابا، فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك فأرخ عليه حجابه، واجعل للسانك بابا وغلقا، فإذا خشيت فأغلق، وأجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك.

وقال ابن جرير: حدثني سعيد بن عمرو السَّكُوني، حدثنا بقِيَّة، حدثنا عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء، فأرسلوا به، فمنهم رسول الله، ومنهم نبي، ومنهم نبي رسول، ونزل القرآن وهو كلام الله، ونزلت العربية والعجمية، فعلموا أمر القرآن وعلموا أمر السنن بألسنتهم، ولم يدع الله شيئا من أمره مما يأتون وما يجتنبون وهي الحجج عليهم، إلا بينه لهم. فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن والقبيح، ثم الأمانة أول شيء يرفع ويبقىأثرها في جذور قلوب الناس، ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم وتبقى الكتب، فعالم يعمل، وجاهل يعرفها وينكرها ولا يحملها، حتى وصل إليّ وإلى أمتي، ولا يهلك على الله إلا هالك، ولا يغفله إلا تارك. فالحذر أيها الناس، وإياكم والوسواس الخناس، فإنما يبلوكم أيكم أحسن عملا.

هذا حديث غريب جدا، وله شواهد من وجوه أخرى.

ثم قال ابن جرير: حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا عبد الله بن عبد المجيد الحنفي، أخبرنا أبو العوام القطان، حدثنا قتادة، وأبان بن أبي عياش، عن خُليَد العَصَري، عن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس من جاء بهن يوم القيامة مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وأعطى الزكاة من ماله طيب النفس بها -وكان يقول، وايم الله لا يفعل ذلك إلا مؤمن -[وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إلى ذلك سبيلا]، وأدى الأمانة". قالوا: يا أبا الدرداء، وما أداء الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة، فإن الله لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيره.

وهكذا رواه أبو داود عن محمد بن عبد الرحمن العنبري، عن أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، عن أبي العوام عمران بن دَاور القطان، به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير