تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا، و لا يعطى ما لا يقدر على غسله حكم المعدوم وفق قاعدة التقديرات لأنه يحتاج إليها إذا دلّ دليل على ثبوت الحكم مع عدم سببه أو شرطه أو مانعه، و إذا لم تدع الضرورة إليها لا يجوز التقدير حينئذ لأنه خلاف الأصل كذا قرره القرافي في فروقه (8)، ذلك لأن قاعدة إعطاء الموجود حكم المعدوم والمعدوم حكم الموجود ليست من قواعد أصول الخلاف بل تذكر جمعا للنظائر الداخلة تحت هذا الأصل، و لا يخفى عدم ورود دليل يعطي بعض الأعضاء حكم المعدوم في الوضوء، بل في الحديث السابق ما يدل على العدول إلى التيمم عند تعذر استعمال الماء، فضلا عن أن الغاسل لبعض الأعضاء دون الأخرى لا يسمى في عرف الشرع متوضئاً، و لا يصدق عليه أنه أتى بما أمره الله تعالى من الوضوء، لذلك وجب المصير إلى البدل الذي جعله الشرع عوضا عن الوضوء عند تعذر استعمال بعض أعضاء الوضوء، وأن ما دخل تحت استطاعته من المأمور به وجب الإتيان به، أي وجوب استعمال الماء الذي يكفي لبعض الطهارة، ذلك لأنه ليس مجرد خروج بعضه عن الاستطاعة موجبا للعفو عن جميعه، عملا بقوله تعالى: ?فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ?] التغابن:16] وفي حديث أبي هريرة المتقدم "ما أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" إذ فيهما دليل على العفو عن كل ما خرج عن الطاقة، ووجوب استعمال ما يكفي بعض طهارته مع التيمم للباقي، وقد وردت بعض ألفاظ روايات حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه وفيه"غسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى بهم فذكر نحوه ولم يذكر التيمم"، قال أبو داود» وروى هذه القصة الأوزاعي عن حسان بن عطية، قال فيه: " فتيمم "» قال الشوكاني» ورجح الحاكم إحدى الروايتين، وقال البيهقي يحتمل أن يكون قد غسل ما أمكنه وتيمم للباقي، وله شاهد من حديث ابن عباس ومن حديث أبي أمامة عند الطبراني» (9)، وأيد النووي هذا الجمع بين الوضوء والتيمم وقال» وهو متعين» (10)، وجاء في المغني» إذا كان به قرح أو مرض مخوف أو أجنب فخشي على نفسه إن أصاب الماء، غسل الصحيح من جسده وتيمم لما لم يصبه» (11). ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن الجريح إذا كان محدِثاً حدثاً أصغر يصح أن يتيمم بعد كمال الوضوء، ثم قال» بل هذا هو السنة» (12)، ومثل هذا الجمع ينعكس معنا ه على قاعدة:» الميسور لا يسقط بالمعسور».

هذا واستعمال التيمم لا يقدر بوقت معين، بل هو مشروع وإن طال العهد لحديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه مرفوعاً "إن الصعيد الطيب طهور وإن لم يجد الماء عشر سنين" (13).

والله أعلم و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، و صلى الله على محمد و على آله وصحبه و التابعين لهم بإحسان و سلم تسليما.

الجزائر في: 09 شوال 1417 هـ. الموافق لـ: 16 فيفري 1997 م.


1 - متفق عليه. أخرجه البخاري (13/ 251) ومسلم (9/ 100) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

2 - أخرجه أبو داود (1/ 239) وابن ماجة (1/ 189) والحاكم (1/ 178) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه

3 - سنن البيهقي (1/ 328)

4 - سبل السلام للصنعاني (1/ 204)

5 - انظر تمام المنة للألباني (131) وتخريج شرح السنة للأرناؤوط (2/ 121).

6 - مجموع الفتاوى لابن تيمية (20/ 14).

7 - المصدر السابق (19/ 289) إعلام الموقعين لابن القيم (2/ 71).

8 - الفروق (2/ 199 - 203).

9 - نيل الاوطار للشوكاني (1/ 387).

10 - الفتح لابن حجر (1/ 454).

11 - المغني لابن قدامة (1/ 261).

12 - الاختيارات الفقهية لابن تيمية للبعلي (ص21)

13 - أخرجه أبو داود (1/ 235 - 237) والترمذي (1/ 212) والنسائي (1/ 171) وأحمد (5/ 146) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه والحديث صححه الترمذي والألباني في الإرواء (1/ 181).

الرابط: http://www.ferkous.com/rep/Bc1.php

ـ[خالد المرسى]ــــــــ[21 - 12 - 07, 10:57 م]ـ
يعنى يتوضأ حتى يصل لقدمه فيتيمم تيمما عاديا؟

ـ[توبة]ــــــــ[21 - 12 - 07, 11:42 م]ـ
يعنى يتوضأ حتى يصل لقدمه فيتيمم تيمما عاديا؟
يتوضأ حتى يصل لقدميه فيمسح عليهما.

ـ[توبة]ــــــــ[22 - 12 - 07, 10:21 ص]ـ
يتوضأ حتى يصل لقدميه فيمسح عليهما.

قد كتبت هذا بناء على قول الشيخ بن عثيمين/رحمه الله:
5_ إذا كان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء، فإن كان الغسل بالماء يؤثر عليه مسحه مسحاً، فيبل يده بالماء ويمرها عليه، فإن كان المسح يؤثر عليه أيضاً فإنه يتيمم عنه.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=105528

هذا في حال عدم وجود حائل كالجبيرة وإلاّ فإنه يكتفي بالمسح.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير