تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[علاج الوسوسة.]

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[23 - 12 - 07, 10:45 ص]ـ

بسم الله و الحمد لله. أما بعد

فهذه الأمة التي نتشرف بالانتساب لها، هي خير أمة أخرجت للناس، و هي الأمة الوسط بين الأمم) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (" البقرة: 143 " فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا جفو، ولا إسراف ولا تقصير، و بينما يتهاون النصارى في أمر النجاسات و يتباهى الواحد منهم بأنه أربعين سنة لا يغتسل، نجد اليهود على العكس و النقيض، فالواحد منهم إذا أصابت النجاسة ثوبه يقرضه بالمقرض، و من رحمة الله بهذه الأمة رفع الآصال و الأغلال التي كانت من قبلنا، و شرع لنا سبحانه شرعاً محكماً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , و من أعظم سمات هذه الشريعة المطهرة اليسر و التخفيف ورفع الحرج قال تعالى) يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (" سورة البقرة: 185 " و قال) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (" سورة الحج: 78 " و المتتبع لنصوص الشريعة و أحكامها يجد علاجاً ودواءاً لحالات الوسوسة التي تنتاب الكثيرين فمثلاً الثابت بيقين في العقائد و الأحكام لا يزحزحه الشك ولا الوسوسة، فالإنسان يدخل في الإسلام بنطقه بالشهادتين باتفاق العلماء ثم يؤمر بالتزام أحكام الشرع التكليفية، و قد يعرض له الشيطان بخواطر الشر و السوء فلا تضره بإذن الله، و من ذلك أن البعض ذهب لرسول الله صلى الله عليه و سلم يقول له: إنا لنجد في أنفسنا ما لو خررنا من السماء إلى الأرض لكان أهون علينا من أن نتحدث به، و قال البعض لأن أكون حممه، و ذلك يوضح مبلغ المعاناة و حرصهم على معاني الإيمان، و عدم إفصاحهم عن الوساوس التي انتابت نفوسهم و مجاهدتهم في رد و دفع هذه الخواطر السيئة، فلما سمع النبي صلى الله عليه و سلم ذلك قال " أو قد وجدتموه، ذلك صريح الإيمان "، و قال الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " و قال أيضاً " قل آمنت بالله " و قال ابن عباس رضى الله عنهما لمن وجد مثل ذلك قل " قل هو الأول و الأخر و الظاهر و الباطن وهو بكل شئ عليم " و كأن الإنسان مع سيره في طريق الإيمان لابد وأن يجد مثل هذه الخواطر أو الوساوس فالشيطان قطع عهداً على نفسه ليتخذن من العباد نصيباً مفروضاً، وهو قد فرغ من اليهود و النصارى بإيقاعهم في الكفر و لذلك لا يوسوس لهم أما بالنسبة للمسلم إذا هم بطاعة ربه أجلب عليه الشيطان بخيله ورجله، فيحدث معه مثل هذه الصورة التي عرضت للأفاضل، و تخوفوا على أنفسهم بسببها، إلا أنهم لم يذكروا هذه الخواطر لأحد و لم يعتبروها مشاعر و أحاسيس صادقة أو وجدنات فياضة كما يعبر بعض من لا خلاق له ولا دين عنده، و قد أمر النبي صلى الله عليه و سلم من وجد ذلك أن يقول " آمنت بالله " و بين أن ذلك صريح الإيمان، فهذه الوساوس لا تضر الإنسان طالما اعتصم بحبل الله المتين و بذكره الحكيم) وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (" سورة آل عمران: 101 " و قال تعالى) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (" سورة الأعراف: 201 " يتذكرون أمره و نهيه ووعده ووعيده سبحانه، فيحدث لهم ذلك تبصرة فعلى العبد أن يكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأن ينشغل بذكر الله، فقد قالوا: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فيحافظ على تلاوة القرآن الكريم و الأذكار الموظفة، كأذكار الشروق و الغروب و النوم، ولا يعقد مناظرات مع الشيطان فكلما فرغ من شبهة أجلب عليه بشبهة أخرى حتى يرهق عقله، فينصرف ولو إلى أمر مباح، و يعلم الخواطر قد عرضت لمن هو أفضل منه، و لن تضره بإذن الله إذا قال آمنت بالله، فذلك صريح الإيمان، و الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة، كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم. فإذا انتقلنا إلى دائرة الأحكام وجدنا المسألة لا تختلف فلا عنت ولا مشقة ولا حرج ولا مبرر للاسترسال في الوساوس التي تنتاب البعض، و من ذلك مثلاً أن الثابت بيقين لا يزحزحه الشك، فلو تيقن الإنسان الطهارة و شك في الحدث،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير