[الرد على من أنكر البشارة بنبي الإسلام في التوراة والإنجيل]
ـ[متفائلة]ــــــــ[27 - 12 - 07, 11:26 م]ـ
يؤمن المسلمون بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - إيماناً جازماً لا شك فيه ولا ريب، ويستندون في إيمانهم هذا إلى الكثير من الدلائل العقلية والنقلية التي تثبت نبوته، وتصحح رسالته.
من تلك الدلائل العقلية ظهور معجزاته – صلى الله عليه وسلم - كشق القمر، ونطق الحجر، وخروج الماء من بين أصابعه، وأكبر معجزاته - صلى الله عليه وسلم – وأعظمها القرآن الكريم بما فيه من إعجاز في نظمه ولفظه وخبره وتشريعه.
ومن الدلائل النقلية على نبوته - عليه الصلاة والسلام – ما بقي في كتب اليهود والنصارى من بشارات الأنبياء السابقين كإبراهيم وموسى وعيسى - عليهم السلام –، حيث افتخر - صلى الله عليه وسلم – بذلك، فقال: (أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى) رواه أحمد، وأخبر القرآن الكريم أن أهل الكتاب المعاصرين لمحمد - صلى الله عليه وسلم - {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} (البقرة:146)، وذلك أنهم: {يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل} (الأعراف:157)، بل أخبر سبحانه أن من الغايات التي أرسل لأجلها عيسى - عليه السلام - البشارة بنبي الإسلام، قال تعالى: {ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} (الصف:6)، إلا أن النصارى اليوم يقفون مما بقي من هذه البشارات موقف المنكر لها، الجاحد لوجودها، ويتأولونها تأويلات تلوي أعناقها، وتحرفها عن مقصودها.
وسنحاول مناقشتهم في بعض هذه البشارات، ليعلم المنصف أن خبر القرآن بوجود البشارات حق وصدق. وأن نفي النصارى لها، أو تحريفهم لفهمها أمر مردود عليه. كما سيتضح ذلك من خلال ذكر الأمثلة.
المثال الأول: البشارة بنبي الإسلام في التوراة
فمما يذكره العلماء في ذلك ما جاء في سفر التثنية – إصحاح 18 الفقرة: 18: قول الرب لموسى - عليه السلام -: " أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به " فهذه النبوة تتحدث صراحة عن إرسال رسول جديد من غير تحديد اسمه، ولكن بذكر بعض أوصافه، ككونه مثل موسى – عليه السلام -، وكونه لا يتكلم من عند نفسه، ولكن بما يوحيه الله إليه.
ويعتقد النصارى أن هذه البشارة تنطبق على عيسى - عليه السلام – ويقولون: إن عيسى مثل موسى لكونه يهودي الأصل، يهودي الشريعة، وكونه من وسط اليهود وخيارهم، فهو من ذرية داود - عليه السلام –، وقد أوحى الله إليه بمواعظ وأمثال بلغها قومه، وعلمها تلاميذه.
ويجيب المسلمون عن ذلك بأن البشارة المذكورة لم تذكر اسماً معيناً فيصبح تعيينه نصاً لا يجوز الخروج عليه، وإنما ذكرت أوصافاً معينة لهذا النبي المبشر به، وهو ما يجعل باب الاجتهاد مفتوحاً في تفحص هذه الأوصاف، لمعرفة الأحق بها، وقد نظرنا في البشارة فوجدناها حوت عدة صفات للآتي، منها: أنه نبي وليس إلها، ومنها أنه مثل موسى، ومنها أنه من إخوة بني إسرائيل لا من أنفسهم، ومنها أنه يتكلم بما يوحى إليه. وقد عقد العلماء مقارنة بين محمد وعيسى – عليهما السلام – للتحقق أيهما أشد شبها بموسى - عليه السلام - فوجدوا أن شبه محمد بموسى – عليهما السلام – أقرب من شبه عيسى بموسى، وذلك من عدة أوجه:
الوجه الأول: أن محمد كموسى ولد من أب وأم، في حين أن عيسى ولد من أم من غير أب.
الوجه الثاني: أن محمداً وموسى – عليهما السلام – بعثا رسولين، وكان لكل منهما شريعة جديدة، في حين أن عيسى – عليه السلام – كان نبياً فقط، ولم يبعث بشرع جديد، بل كان يؤكد أنه ما جاء لينقض شريعة موسى (متى:17:5).
الوجه الثالث: أن كلاً من محمد وموسى – عليهما السلام – كان حاكماً على قومه، قائداً لشعبه، في حين أن عيسى لم يمارس أي سلطة سياسية على قومه وأتباعه بل كان يردد أن مملكته ليست في هذا العالم (يوحنا:36:18).
الوجه الرابع: أن محمداً كموسى – عليهما السلام - مات ميتة طبيعية في حين يعتقد اليهود والنصارى أن المسيح – عليه السلام - مات مصلوباً مهاناً، ويعتقد المسلمون أنه رفع إلى السماء.
ولاشك أن هذه الفروق تظهر بجلاء تام أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - مثل موسى ولادة ورسالة وقيادة وموتاً في حين يختلف المسيح عنهما في ذلك، فكيف يقال أنه مثل موسى - عليهم جميعا صلوات الله وسلامه -.
¥