تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوصف الأول: أنه يأتي بعد المسيح لا قبله، حيث قال – عليه السلام –: "لكني أقول لكم الحق، إنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي " ولا يخفى أن الروح القدس كان موجودا في حياة المسيح بل قبل المسيح، ففي إنجيل لوقا: (إصحاح 1 فقرة 35): " فأجاب الملاك – مريم - وقد سألته كيف تحبل من غير زوج - وقال لها: "الروح القدس يحل عليك، و قوة العلي تظللك ". فكيف سيرسل المسيح الروح القدس إذن، إذا كان موجوداً من قبل؟ فإن قيل: إنه سيرسله إرسالاً خاصا للتعزية بعد رفعه إلى السماء قيل إن تعزية الروح القدس للمؤمنين كانت قبل رفع المسيح أيضاً، فأي فائدة في أن يرسل المسيح الروح القدس للتعزية بعد ذلك، ففي إنجيل لوقا (إصحاح 2 فقرة 25): " وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان، وهذا الرجل كان بارا تقياً، ينتظر تعزية اسرائيل، والروح القدس كان عليه ". فإذا بطل مجيء "الروح القدس" بعد المسيح وبيان وجوده قبل ذلك فلا يصح أن يوصف بهذا الوصف، وصح أن الأحق بهذا الوصف هو نبي الإسلام – صلى الله عليه وسلم – والوصف بالبعدية جاءت به الآية الكريمة فنقل تعالى قول المسيح - عليه السلام – عن غاية بعثته فقال: {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} (الصف:6).

الوصف الثاني: الحدوث وذلك أن مجيء ال"بيروكليت" بعد المسيح يدل على حدوثه وكونه بعد أن لم يكن، والروح القدس في معتقد النصارى إله حق من إله حق، وهو أحد أقانيم الألوهية عندهم، فكيف يصح أن يأتي بعد المسيح، في حين أن من المفترض أن يكون أزليا أبدياً.

الوصف الثالث: قول المسيح عن ال"بيروكليت" فهو يعلمكم كل شيء " وهذا الوصف يمكن أن يوصف به الروح القدس، فيكون روحاً ملهماً ومعلماً، غير أن الواقع غير ذلك، فلم يحفظ لنا الإنجيل أن الروح القدس كان يعلّم التلاميذ، ومن بعدهم كل شيء، بدليل أنه حدثت اختلافات كثيرة في النصرانية كادت تودي بها، لم يفصل فيها "الروح القدس"، ولم يعلم الأمة النصرانية وجه الحق فيها. بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فقد علّم أمته كل شيء، حتى علمهم أدب الخلاء والجماع، فضلا عن أخبار الجنة والنار، وحوادث آخر الزمان، مما هو مستفيض ذكره في كتب السنة والأخبار.

الوصف الرابع: التذكير بما قاله المسيح – عليه السلام - حيث قال في وصف ال"بيروكليت": "ويذكركم بكل ما قلته لكم "، والروح القدس لم يذكّر التلاميذ، ولا من بعدهم من الأمة النصرانية، بكل ولا ببعض ما قاله المسيح، ولم يحفظ عنه شيء من ذلك، على خلاف ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر النصارى بعبودية المسيح لله، وأنه نبي من الأنبياء، وليس إلها، وأنه رفع إلى السماء ولم يصلب.

الوصف الخامس: وهو وصف فيه تنوع، وإن شئت قلت اضطراب، حيث وصف ال"بيروكليت" بأنه رسول الله " في قول المسيح:" أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر " ووصف بأنه رسول المسيح، في قوله " ولكن إن ذهبت أرسله إليكم "، ووصف بأنه رسول الله باسم المسيح، وذلك في قوله: "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي"، ونحن أمام هذه الأوصاف الثلاثة إما أن نقول إن اختلاف الأوصاف يدل على اضطراب في النقل، فيسقط الاستدلال بها جميعاً، وإما أن نحاول الجمع بين هذه الأوصاف الثلاثة فنقول: إن وصف ال"بيروكليت" بكونه رسول الله لا إشكال فيه، أما وصفه بأنه رسول المسيح فعلى اعتبار أن المسيح بشّر به وطلب من الله إرساله، ووصفه بأنه "رسول باسم المسيح" فعلى اعتبار أنه سيبين دينه، وينفي عنه شوائب الشرك والبدع، فكأنه جاء باسمه لتخليص رسالته مما لحق بها. وقول النصارى إن وصف المسيح لل"بيروكليت" بأنه رسول المسيح يتنافى مع اعتقاد المسلمين أن محمداً رسول الله، وقد أجبنا عن ذلك سابقاً، ونزيد عليه بالقول: إنه كذلك يتنافى مع اعتقاد النصارى أن "الروح القدس" إله، إذ كيف يصبح الله رسول الله!!؟

الوصف السادس: أنه منبثق عن الله، وذلك في قول المسيح:"روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" ومعنى الانبثاق لا يمكن تفسيره بمفرده بل بنظائره التي وردت في نفس السياق وهو الإرسال حيث عبر في بعض النصوص بالإرسال، واختلاف هذه الألفاظ لا يدل على اختلاف معناها بل على ترادفها، فيكون معنى الانبثاق والإرسال واحد، جمعا بين النصوص، وبالتالي يصح ويصدق هذا الوصف على محمد صلى الله عليه وسلم بأنه مرسل من عند الله سبحانه.

الوصف السابع: أنه يمكث إلى الأبد، وذلك في قول المسيح:" ليمكث معكم إلى الأبد" وهذا الوصف استدل به النصارى على استحالة حمل معنى ال"بيروكليت" على محمد - صلى الله عليه وسلم - كونه توفى، وحملوه على الروح القدس كونه باقياً - وفق معتقدهم - لا يزول, ولكن السؤال هنا أن الوصف له طرفان: أحدهما: المبشر به وأنه باق إلى الأبد، والثاني المبشرون وهم التلاميذ، وأن ال"بيروكليت" سيبقى معهم، وإذا حمل بقاؤه على الخلود الأبدي فيلزم منه خلود التلاميذ؛ لأنه يخلد فيهم ويبقى معهم، فإن قيل: تؤول التلاميذ بالأمة النصرانية، قلنا: المراد ببقاء محمد ليس خلوده ولكن دينه وهديه وشريعته، فإذا صح تأويلكم التلاميذ بالأمة النصرانية، فلم لا يصح تأويل بقاء "بيروكليت" ببقاء دينه وشريعته؟ وهو ما ينطبق على محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي ختم الله به الرسالات وجعل دينه دينا لكل جيل جاء بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

الوصف الثامن: أنه "روح الحق" وهذا الوصف ظنه النصارى مختصاً بالروح القدس، فلا يجوز أن يوصف بشر بأنه روح، وهذا مناف ومخالف لما جاء به كتابهم "المقدس" حيث بين يوحنا أن الأنبياء يطلق عليهم روح أيضاً كما جاء في إنجيله: " بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير