هل تشترط العدالة في الاّمر بالمعروف والناهي عن المنكر؟
ـ[أم حنان]ــــــــ[29 - 12 - 07, 11:53 م]ـ
بسم الله، الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول الإمام السفاريني-رحمه الله- في كتابه الماتع (غذاء الألباب) مايلي:
مطلب: هل يشترط للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العدالة؟.
ولو كان ذا فسق وجهل وفي سوى الذي قيل فرض بالكفاية فاحدد (و لو كان) ذلك الشخص الآمر والناهي (ذا) أي صاحب (فسق) بأن فعل كبيرة ولم يتب منها أو أصر على صغيرة , إذ ليس من شرط الأمر [ص: 216] بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون فاعله عدلا في المعتمد , بل الإمام والحاكم والعالم والجاهل والعدل والفاسق في ذلك سواء كما في الآداب الكبرى. وإنما أشار الناظم بلو المفيدة للخلاف خلافا لقوم اعتبروا في الآمر والناهي العدالة. قال في الآداب الكبرى: قال قوم: لا يجوز لفاسق الإنكار. وقال آخرون: لا يجوز إلا لمن أذن له ولي الأمر. انتهى.
والصحيح عدم اعتبارهما.
وقال الإمام ابن الجوزي: الكافر ممنوع من إنكار المنكر لما فيه من السلطنة والعز.
وقال ابن مفلح: وللمميز الإنكار ويثاب عليه ولا يجب.
نعم ينبغي أن لا يخالف قوله فعله , بل يأمر بالمعروف ويأتمر به , وينهى عن المنكر وينزجر عنه. فقد أخرج البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا , فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان مالك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه}.
وفي رواية لمسلم قال قيل لأسامة لو أتيت عثمان فكلمته , فقال إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أن أسمعكم , وأني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه , ولا أقول لرجل إن كان علي أميرا أنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل وما هو قال سمعته يقول {يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون يا فلان ما شأنك أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر؟ فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن الشر وآتيه}. وإني سمعته يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقول {ليلة أسري بي مررت بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار , قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون} قال [ص: 217] الحافظ المنذري: الأقتاب الأمعاء واحدها قتب بكسر القاف وسكون التاء وتندلق أي تخرج.
وروى الطبراني بإسناد حسن عن جندب بن عبد الله الأزدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه} ورواه البزار من حديث أبي برزة إلا أنه قال {مثل الفتيلة}.
وروى الطبراني في الكبير والبزار عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان}.
وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه}.
وأنشد الإمام ابن مفلح في فروعه لبعضهم:
عجبت لمن يبكي على موت غيره
دموعا ولا يبكي على موته دما وأعجب من ذا أن يرى عيب غيره
عظيما وفي عينيه عن عيبه عمى
وأنشد في الآداب الكبرى لأبي العتاهية في ابن السماك الواعظ:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما إذ عبت منهم أمورا أنت آتيها
كالملبس الثوب من عري وعورته للناس بادية من أن يواريها
وأعظم الإثم بعد الشرك تعلمه في كل نفس عماها عن مساويها
عرفانها بعيوب الناس تبصرها منهم ولا تبصر العيب الذي فيها
وذكر الإمام الحافظ ابن رجب في كتابه لطائف المعارف قال: كان يحيى بن معاذ ينشد في مجلسه:
مواعظ الواعظ لن تقبلا حتى تعيها نفسه أولا
يا قوم من أظلم من واعظ خالف ما قد قاله في الملا
أظهر بين الناس إحسانه وبارز الرحمن لما خلا
[ص: 218] وأنشد لأبي العتاهية قوله:
وبخت غيرك بالعمى فأفدته بصرا وأنت محسن لعماكا
¥