تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرجاء المحمود لا يكون إلا لمن عمل بطاعة الله ورجى ثوابها، أو تاب من معصيته ورجى قبول توبته (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) البقرة218 , فأما الرجاء بلا عمل فهو غرور وتمن مذموم.

التوكل

س14) ما تعريف التوكل؟

التوكل على الشيء الإعتماد عليه , والتوكل على الله تعالى الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار وهو من تمام الإيمان (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التوبة51 , فالتوكل من العبادات القلبية، حقيقته أنه يجمع شيئين: الأول: تفويض الأمر إلى الله جل وعلا. الثاني: عدم رؤية السبب بعد عمله. والتفويض وعدم رؤية السبب شيئان قلبيان، فالعبد المؤمن إذا فعل السبب، وهو جزء بما تحصل به حقيقة التوكل، فإنه لا يلتفت لهذا السبب، لأنه يعلم أن هذا السبب لا يُحَصِّل المقصود، ولا يحصل المراد به وحده، وإنما قد يحصل المراد به وقد لا يحصل؛ لأن حصول المرادات يكون بأشياء: منها السبب. ومنها صلاحية المحل. ومنها خلو الأمر من المضاد. فثَم ثلاثة أشياء تحصل بها المرادات: أول سبب: نعلم ِبمَا خلق الله جل وعلا خلقه عليه أن هذا السبب يُنتج المسبَّب؛ النتيجة. الثاني: صلاحية المحل لقيام الأمر به؛ الأمر المراد. الثالث: خلو الأمر أو المحل من المضاد له. مثاله الدواء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالدواء فقال (تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً) صححه الألباني , فالمسلم الموحد يتناول الدواء باعتباره سببا للشفاء، لكنه ليس سببا أو ليس علة وحيدة، بل لا يحصل الشفاء بهذا وحده، وإنما لابد من أشياء أخرى، منها أن يكون المحل الذي هو داخل الإنسان- باطن متناول الدواء - يكون صالحا لقبول ذلك الدواء، وهذا معنى قولي: أن يكون المحل صالحا. أيضا من العلل التي يكمل بها المراد أن يكون السبب هذا الذي عمل خاليا من المعارض له، قد يكون يتناول شيء وفي البدن ما يفسد ذلك الشيء، فلا يصل إلى المقصود. ومنها وهو الأعظم أن يأذن الله جل وعلا بأن يكون السبب مؤثرا منتجا للمسبّب، وهذا يعطيك أن فعل السبب ليس كافيا في حصول المراد قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق3. ولهذا قال علماؤنا ,علماء التوحيد من أئمة السلف فمن بعدهم: الالتفات إلى الأسباب قدح في التوكل, ومحو الأسباب أن تكون أسبابا قدح في العقل , و قال بعض العلماء: من طعن في الحركة , يعني , في السعي والكسب والأخذ بالأسباب؛ فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل؛ فقد طعن في الإيمان.

باب في أنواع التوكل

س15) ما هي أنواع التوكل؟

التوكل ثلاثة أنواع أولها توكل العبادة والخضوع، وهو الإعتماد المطلق على من توكل عليه، بحيث يعتقد أن بيده جلب النفع ودفع الضر، فيعتمد عليه اعتماداً كاملاً، مع شعوره بافتقاره إليه، فهذا يجب إخلاصه لله تعالى، ومن صرفه لغير الله، فهو مشرك شركاً أكبر، كالذين يعتمدون على الصالحين من الأموات والغائبين، وهذا لا يكون إلا ممن يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون، فيعتمد عليهم في جلب المنافع ودفع المضار. قال تعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التغابن13 , وقال عز وجل (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران159 , وثانيها التوكل على الغير فيما يتصرف المتوكل بحيث ينيب غيره في أمر يجوز فيه النيابة وهو المعروف في باب الوكالة عند الفقهاء فهذا لا بأس به بدلالة الكتاب والسنة , والإجماع فقد قال يعقوب لبنيه (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيه) يوسف87, وأما ما جاء في السنة فهو أكثر من أن يحصى فقد وكل صلى الله عليه وسلم على الصدقة عمالاً ووكل في إثبات الحدود وإقامتها وغيرها كثير, وأما الإجماع فهو معلوم من حيث الجملة , وثالثها الاعتماد على شخص في رزقه ومعاشه وغير ذلك، وهذا من الشرك الأصغر، مثل اعتماد كثير من الناس على وظيفته في حصول رزقه، ولهذا تجد الإنسان يشعر من نفسه أنه معتمد على هذا اعتماد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير