تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد وفقني الله عز وجل وله الحمد والمنة بكتابة موضوع عن هذا المسألة ونشرته عبر شبكة الإنترنت بعنوان " الفوائد الملتقطة في الرد على من زعم رؤية الله يقظة" وتجده في الرابط التالي:

http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1244

محبة الرسول بين الاتباع والابتداع - (ج 1 / ص 329)

- وقيل معناه أنه يراه حقيقة في الدنيا ويخاطبه (3).

وهذا الاحتمال الأخير باطل من وجهين:

1 - أنه مستحيل شرعا لمعارضته النصوص. كقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (1) وهو أيضا مخالف لإجماع الأمة التي أجمعت على وفاته - صلى الله عليه وسلم -. ولا يرد على ذلك أن الأنبياء أحياء في قبورهم، وما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من أنه ترد عليه روحه حتى يرد السلام على من سلم عليه. فإن هذه الحياة حياة برزخية تختلف عن الحياة الدنيا في خصائصها وصفاتها ولذلك يقتصر في شأنها على ما ورد في النصوص، ولا تقاس على الحياة الدنيا بأي حال من الأحوال.

ثم إن حمل هذا الحديث على رؤيته يقظة في الدنيا بعد وفاته يلزم منه ادعاء الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا مستحيل لأنه معصوم عن الكذب. وبيان ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» فعلق الجواب على الشرط، ومن المعلوم أن جمعا كثيرا من سلف الأمة وخلفها قد رأوه في المنام ولم يذكر أحد منهم أنه رآه في اليقظة. وخبر الصادق - صلى الله عليه وسلم - لا يتخلف (2).


(1) سورة الزمر، آية (30).
(2) انظر: فتح الباري، 12/ 385، والتيجانية، ص 130 وما بعدها.

2 - أنه مستحيل عقلا لأنه يلزم منه لوازم باطلة مثل أن يخرج ويراه الناس وأن يقود أمته في كل المواطن كما كان في حياته - صلى الله عليه وسلم - وأن يجاهد في سبيل الله وأن يفصل بين الأمة في المسائل المتنازع عليها والحوادث التي وقعت لأمته من بعده طالما أنه حي حياة تامة.
إذ لو صح ذلك لكان حل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمشاكل أمته التي حدثت من بعده وجمع كلمتهم أولى من أن يظهر لأناس في مجالس بدعية جمعوا فيها من فنون الشرك والبدع ما نهي عنه وحذر منه.
فكيف يحضر مجالسهم التي بهذه الصفة ويترك الصحابة والأمة من بعدهم يواجهون الفتن بأنفسهم وهم أحوج ما يكونون إليه لو كان حيا.
قال القرطبي (1) فيما نقله الحافظ ابن حجر:
(وهذا القول يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه ألا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن، ويخرج من قبره ويمشى في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه، ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى في قبره منه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل) (1).
ثم إن هذا الحديث لو صح دليلا على دعواهم لتطرقت إليه الاحتمالات السابقة والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، وأيضا فإن رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته في اليقظة هي من الأمور الاعتقادية التي لا تثبت إلا بدليل صحيح سالم من المعارضة. وهذا الدليل محتمل لوجوه متعددة ومعارض بنصوص صريحة قطعية من القرآن والسنة تثبت موته - صلى الله عليه وسلم - (2).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير