تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

.. 1 - حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه (3).

... فهذا عموم يندرج تحته حال الطهارة وعدمها، كما أن كل ما يسمى ذكرا لله تعالى فهو مراد هنا، والقرآن أعظم الذكر، قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر) [الحجر: 9].

... 2 - ما حدث به أبو سلام الحبشي، قال: حدثني من رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم تلا شيئا من القرآن قبل أن يمس ماء (4).

... 3 - حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فقرب إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوضوء (5)؟ قال: (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة) (6).

... قوله: (إنما) أداة قصر في اللغة والأصول، فقصر الأمر الواجب على الوضوء عند القيام إلى الصلاة، فدل على أن ما سوى الصلاة لا يجب له الوضوء، وزعم بعضهم أن القصر هنا ليس حقيقيا؛ لما ألجأه إليه القول بوجوب الوضوء للطواف بالبيت ومس المصحف، وليس كذلك، فإنه ثبت أن الطواف بمنزلة الصلاة، فيأخذ حكمها في الطهارة، وأما مس المصحف فالوضوء له ليس بواجب على التحقيق، على ما سيأتي ذكره (7).

... وأما الآثار عن السلف في استحباب الوضوء وعدم وجوبه، فكثيرة، عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وسلمان الفارسي، وأبي هريرة، ومن التابعين عن علي بن الحسن زين العابدين، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النخعي، وغيرهم (8).

... المسألة الثانية: الطهارة من الحدث الأكبر:

... وهو ما يوجب الغسل، كالجنابة، والحيض والنفاس.

... مذهب جمهور العلماء حرمة قراءة القرآن للجنب والحائض، وأحسن ما استدلوا به لذلك حديث يروى عن علي، رضي الله عنه، قال:

... كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته، ثم يخرج فيقرأ القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة.

... وآخر يروى عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن).

... وهذا حديثان لا يصحان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتحريم لا يجوز القول به إلا ببرهان صحيح بيّن.

... وذهبت طائفة من أهل العلم إلى جواز القراءة للجنب والحائض، إبقاء على الأصل في عدم ثبوت المانع، لكن بعضهم قصر الرخصة على القليل من ذلك كالآية والآيتين، خاصة للجنب.

... وكأن ذلك جاء من جهة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذكر الله على غير وضوء، والجنابة أكبر من الحدث الذي يوجب الوضوء، فحالها أولى بالكراهة، لكن هذا لا يبلغ التحريم.

... والذي أراه الراجح في حق الجنب: كراهة قراءة القرآن له حتى يتطهر، فإذا قرأ ترك الأولى ولم يأثم.

... وصح عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: (لا يقرأ الجنب القرآن)، وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، سئل عن الجنب: أيقرأ القرآن؟ قال: (لا، ولا حرفا) (9).

... فهذا وشبهه مما يحسن الانتهاء إليه ولا يجب؛ لأن الوجوب حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت هنا، وإنما أقصى ما يفيده المنقول الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الندب إلى ذلك.

... أما الحائض، فأمرها أيسر من الجنب؛ لأن حيضتها ليست في يدها، وهي تجلس الأيام لا تصلي انتهاء عند نهي الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يصلح أن تحجب فيها عن سائر الأعمال الصالحة، دون أن يمنعها من ذلك الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وحيث علمتَ عدم ثبوت مانع يمنعها من قراءة القرآن، فيبقى حالها على الأصل في الجواز.

... بل تأكد لنا ذلك بأكثر من هذا الاستدلال، ومحل بيانه غير هذا الموضع.


(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (4/ 345 و 5/ 80) وأبو داود (رقم: 17) والنسائي (رقم: 38) وابن ماجة (رقم: 350) وغيرهم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حضين بن المنذر أبي ساسان، عن المهاجر، به، واللفظ الثاني لأحمد في موضع وابن ماجة.
قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حيان والحاكم، وله طرق وشواهد استوفيت شرحها في كتابي (حكم الطهارة لغير الصلوات).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير