أحدها: أنهم المطهرون من الأحداث، قاله الجمهور. فيكون ظاهر الكلام النفي، ومعناه النهي.
والثاني: المطهرون من الشرك، قاله ابن السائب.
والثالث: المطهرون من الذنوب والخطايا، قاله الربيع بن أنس.
والرابع: أن معنى الكلام: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به، حكاه الفراء.
وقال الرازي: ما المراد من الكتاب؟ نقول فيه وجوه الأول: وهو الأصح أنه اللوح المحفوظ ويدل عليه قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ}
فمن قال: المراد من الكتاب اللوح المحفوظ، وهو الأصح على ما بينا، قال: هو إخبار معنى كما هو إخبار لفظاً، إذا قلنا: إن المضمر في {يَمَسُّهُ} للكتاب،
ومن قال: المراد المصحف اختلف في قوله، وفيه وجه ضعيف نقله ابن عطية أنه نهي لفظاً ومعنى وجلبت إليه ضمة الهاء لا للإعراب ولا وجه له.
تفسير الرازي - (ج 15 / ص 188 - 187)
وحول هذه المعاني دارت باقي كتب التفسير، مع الاتفاق على أن الراجح في:
{الكتاب المكنون} أنه الموجود في السماء في اللوح المحفوظ
وأن الراجح في: {المطهرون} الملائكة
ومن هنا لفت نظري أن الفقهاء بنوا رأيهم في تحريم قراءة القرآن ومس المصحف على الحائض والنفساء على غير الراجح من تفسير الآية.
وهذا الحكم على هذه الحال كأنه يدل على أن عين الحيض والنفساء نجس،
وهذا غير صحيح بالطبع فقد تعجب رسول الله من فعل أبي هريرة الذي انسل فاغتسل وعاد إلى مجلس رسول الله قائلا: {إن المؤمن لا ينجس}
وفي البخاري: عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَّكِئُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ (ج 1 / ص 495)
وفي البخاري أيضا: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلَانَا جُنُبٌ وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ (ج 1 / ص 499)
فقد حل لنا نحن الرجال أن نستمتع بالمرأة حال الحيض عدا موضع الحيضة والدبر، فهل يعني هذا أننا نستمتع بعين نجسة؟!!!
أضف إلى ذلك أن العديد من النساء يحفظن القرآن أو بعضه، فماذا يفعلن وقت الحيض؟ إن القرآن في جوفهن، في قلوبهن، يختلط بالعقل والقلب منهن لا يمكن فصله عنهن.
فإن استطعن أن يدعن المصحف المرسوم على الورق، فهل يمكن ذلك في القرآن المقيم في قلوبهن وعقولهن؟!!!
فكيف نحرم على النساء تلاوة القرآن ومسه حال الحيض أو النفاس؟!!!
إذن علينا أن ننزعه من قلوبهن وعقولهن أولا.
أما الرأي الذي يقول بأن المقصود بـ[الكتاب المكنون] المصاحف التي بين أيدينا، فإن من أحكام هذا الكتاب ألا يمسه إلا المطهرون
فإني أسأل من يقول بهذا الرأي: هل تستطيع أن تضبط ألا يمس الكافر المصحف؟!
من يستطيع الآن أن يحجب الكافر عن شراء المصحف وحمله وهو معروض للبيع والشراء في شتى أرجاء الأرض
إننا سمعنا ورأينا أعداء الله والإسلام: منهم من أخذه وأحرقه، منهم جعلوه مرمى يصوبون عليه الرصاص، ومنهم من بال عليه ألا لعنة الله على من فعل ذلك.
فإن قلنا أن المقصود بـ {الكتاب المكنون} المصاحف التي في الأرض فكأن ذلك تكذيب لكتاب الله إذ جاء فيه {لا يمسه إلا المطهرون}
وعلى الرابط الآتي بحث عظيم رائع سابغ
وسبحان الله!! إنه لإحدى النساء ذات الفقه والفهم
جدير بنا والله أن نراجعه ونقف عليه
وحبذا لو سمعنا لقولها حيث قالت أول كلامها:
أتمنى عدم الرد أو النقد إلا بعد قراءة البحث بحيادية تامة
وإليكم الرابط:
http://www.imanway.com/akhawat/showthread.php?t=10534
ـ[محمد الجبالي]ــــــــ[20 - 09 - 09, 05:51 م]ـ
لعل في هذا المبحث رد لتساؤل أختنا أم رناد
حيث وقعت يدي على بحث دقيق حول جواز تلاوة القرآن ومسه للحائض والنفساء
وقبل أن أعرض البحث أود أن نناقش معا قول الله تعالى: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يمسه إلا المطهرون} الواقعة 78 - 79
ولنتساءل:
- ما المقصود بالكتاب المكنون؟
- ومن المقصود ب {المطهرون}؟
¥