تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد.]

ـ[السدوسي]ــــــــ[07 - 01 - 08, 12:00 م]ـ

حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد:

اختلف العلماء في حكم التهنئة بأول العام الجديد على قولين:

• الأول: الإباحة وأنها من العادات، ومن هؤلاء الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله حيث قال: ((أرى أن بداية التهنئة في قدوم العام الجديد لا بأس بها ولكنها ليست مشروعة بمعنى: أننا لا نقول للناس: إنه يسن لكم أن يهنئ بعضكم بعضاً، لكن لو فعلوه فلا بأس، وإنما ينبغي له أيضاً إذا هنأه في العام الجديد أن يسأل الله له أن يكون عام خيرٍ وبركة فالإنسان يرد التهنئة. هذا الذي نراه في هذه المسألة، وهي من الأمور العادية وليست من الأمور التعبدية)) (لقاء الباب المفتوح).

وله رحمه الله كلامٌ آخر ضبط فيه المسألة فقال في ((اللقاء الشهري)): ((إن هنّأك احد فَرُدَّ عليه، ولا تبتدئ أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل: هنأك الله بخير و جعله عام خير و بركة. لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه))

وقال في ((الضياء اللامع)) (ص702): ((ليس من السنة أن نُحدث عيداً لدخول السنة الهجرية أو نعتاد التهاني ببلوغه)). انتهى

وقد نقل بعضهم في إباحة هذا الفعل كلاماً غير محرر للقمولي والسيوطي من متأخري الشافعية، و لأبي الحسن المقدسي من الحنابلة، أعرض عن ذكره خشية الإطالة.

• الثاني: القول بالمنع مطلقاً، وهو الراجح، وممن قال به الشيخ صالح الفوزان حيث سئل عن التهنئة بالعام الهجري الجديد فأجاب: ((لا نعرف لهذا أصلاً، والتأريخ الهجري ليس المقصود منه هذا أن يجعل رأس السنة مناسبة وتُحيا ويصير فيها كلام وعيد و تهاني، و إنما جعل التأريخ الهجري من أجل تمييز العقود فقط، كما فعل عمر رضي الله عنه لما توسعت الخلافة في عهده، صارت تأتيه كتب غير مؤرخة، احتاج إلى أنه يضع تأريخ تعرف به الرسائل و كتابتها، استشار الصحابة، فأشاروا عليه أن يجعل الهجرة مبدأ التأريخ الهجرة، وعدلوا عن التأريخ الميلادي، مع أنه كان موجوداً في وقتهم، و أخذوا الهجرة و جعلوها مبدأ تاريخ المسلمين لأجل معرفة الوثائق و الكتابة فقط، ليس من أجل أن تتخذ مناسبة و يتكلم فيها، هذا يتدرج إلى البدع.

• سؤال: إذا قال لي شخص: كل عام و أنتم بخير، فهل هذه الكلمة مشروعة في هذه الأيام؟

• جواب: لا، ليست بمشروعة و لا يجوز هذا)) أ. هـ

انظر: ((الإجابات المهمة في المشاكل الملمة)) (ص 229)

والناظر إلى هذه المسألة يجد أن القول بالمنع يتأيد بعدة وجوه فمن ذلك:

1 - أنها تهنئة بيوم معين في السنة يعود كل عام فالتهنئة به تُلحقه بالأعياد، وقد نُهينا أن يكون لنا عيد غير الفطر والأضحى، فتُمنع التهنئة من هذه الجهة.

2 - ومنها أن فيها تشبهاً باليهود والنصارى وقد أُمرنا بمخالفتهم، أما اليهود فيهنئون بعضهم برأس السنة العبرية والتي تبدأ بشهر تشري وهو أول الشهور عند اليهود ويحرم العمل فيه كما يحرم يوم السبت، وأما النصارى فيهنئون بعضهم البعض برأس السنة الميلادية.

3 - أن فيه تشبهاً بالمجوس ومشركي العرب، أما المجوس فيهنئون بعضهم في عيد النيروز وهو أول أيام السنة عندهم ومعنى (نيروز): اليوم الجديد، وأما العرب في الجاهلية فقد كانوا يهنئون ملوكهم في اليوم الأول من محرم كما ذكر ذلك القزويني في كتابه: ((عجائب المخلوقات)). وانظر لذلك كتاب: ((الأعياد وأثرها على المسلمين)) للدكتور سليمان السحيمي.

4 - ومنها أن جواز التهنئة بأول العام الهجري الجديد يفتح الباب على مصراعيه للتهنئة بأول العام الدراسي وبيوم الاستقلال وباليوم الوطني وما شابه ذلك، مما لا يقول به من أجاز التهنئة بأول العام، بل إن جواز التهنئة بهذه أولى حيث لم يكن موجبها منعقداً في زمن الصحابة رضي الله عنهم بخلاف رأس السنة.

5 - ومنها أن القول بجواز التهنئة يفضي إلى التوسع فيها فتكثر رسائل الجوال وبطاقات المعايدة -وإن سموها بطاقات تهنئة- وعلى صفحات الجرائد ووسائل الإعلام، وربما صاحب ذلك زيارات للتهنئة واحتفالات وعطل رسمية كما هو حاصل في بعض الدول، وليس لمن أجاز التهنئة وعدَّها من العادات حجة في منع هذا إذا اعتاده الناس وأصبح عندهم من العادات، فسدُّ هذا الباب أولى.

6 - ومنها أن التهنئة بالعام الهجري الجديد لا معنى لها أصلاً، إذ الأصل في معنى التهنئة تجدد نعمة أو دفع نقمة، فأي نعمة حصلت بانتهاء عام هجري؟ والأولى هو الاعتبار بذهاب الأعمار ونقص الآجال، ومن العجب أن يهنئ المسلمون بعضهم بعضاً بالعام المنصرم وقد احتل العدو فيه أراضيهم وقتل إخوانهم ونهب ثرواتهم فبأي شيء يهنئون أنفسهم؟!

وعليه فالقول بالمنع أولى وأحرى، وإن بدأك أحدٌ بالتهنئة فالأولى نُصحه وتعليمه لأن رد التهنئة فيه نوع إقرار له، وقياسها على التحية قياس مع الفارق!، لكن لما كانت المسألة اجتهادية فلا ينبغي أن يشتد النكير فيها، فلا إنكار في مسائل الاجتهاد.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بقلم: علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير