تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عيد رأس السنة الميلادية وتهنئة النصارى واليهود وفتاوى العلماء]

ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[08 - 01 - 08, 12:42 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ} [الممتحنة:1]

{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4]

وعن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أبغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاثَةٌ؛ مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ في الإِسلامِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبٌ دَمَ امرِئٍ بِغَيرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ)) رواه البخاري في صحيحهالحمد لله رب العالمين وبعد:

فأسأل الله تعالى أن يثبتنا جميعًا على الحق وأن لا يفتننا وأن يختم لنا بالحسنى.

سألني بعض الإخوة عن أمرٍ قرأه في الشابكة (الإنترنت) وهو زعم بعض الناس أنّ تهنئة أهل الكتاب اليهود والنصارى في أعيادهم أمرٌ اجتهادي؛ هناك من العلماء من أجازه ومنهم من منعه واليوم لا حاجة لنا للأخذ برأي المانعين والأولى الأخذ بقول المجيزين!! وأنّ المانعين هم من طائفة المتشددين المعاصرين!!!

فسألته وهل ذكر أصحاب هذه الدعوى من هم العلماء الذين قالوا بالجواز؟

فأجابني بـ:لا!

فقلت له هذا ما كنت أتوقعه، لأن هذه المسألة من الأساسيات والواضحات ولا أظن أنّ أحدًا من علماء المسلمين الأعلام قال فيها بالجواز، لأنّ في ذلك تعارضًا شديدًا مع قطعيات الإسلام.

فطلب الأخ السائل أن أذكر له أقوال الأئمة الكبار وتلامذتهم في العصور المتقدّمة، واستعجلني كثيرًا.

وهذه نقول مقتضبة أضعها بين أيديكم جميعًا حتى تتبينوا الحق من الباطل. وهناك غيرها كثير جدًا.

وأنا أطالب أصحاب هذه الدعوى الجديدة أن يكونوا صادقين مع الناس، فلا يفتونهم بفتاوى تنقصها الأمانة.

ليفتوا برأيهم إن كانت لهم أدلّة يقتنعون بها، ولكن لا يجوز لهم أن يوهموا الناس أن فتواهم هي فتوى علماء المسلمين منذ القديم، وأن المخالفين لهم هم من المتشددين الذين لا سلف لهم!!

فأقول:قال ابن الحاج المالكي في المدخل: ((ومِنَ (العُتبيّة) قال أشهب قيل لمالك أترى بأسًا أن يُهدي الرجل لجاره النصراني مكافأة له على هدية أهداها إليه؟

قال (مالك): ما يعجبني ذلك، قال الله عزوجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} الآية. قال ابن رشد رحمه الله تعالى: قوله مكافأة له على هدية أهداها إليه إذ لا ينبغي له أن يقبل منه هدية لأن المقصود من الهدايا التودد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا وتذهب الشحناء) فإن أخطأ وقَبِلَ منه هديته وفاتت عنده فالأحسن أن يُكافئه عليها حتى لا يكون له عليه فضل في معروف صنعه معه.

ومن مختصر (الواضحة) سُئل ابنُ القاسم عن الركوب في السفن التي يركب فيها النصارى لأعيادهم؟

فكَرِه ذلك مخافَةَ نزول السخط عليهم لكفرهم الذي اجتمعوا له.قال وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له. ورآه من تعظيم عيده وعونًا له على مصلحة كفرهِ.ألا ترى أنه لا يحلّ للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئًا من مصلحة عيدهم لا لحمًا ولا إدامًا ولا ثوبًا ولا يعارون دابة ولا يعانون على شيء من دينهم. لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم.

وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلم أحدًا اختلف في ذلك.انتهى

ويمنع التشبه بهم كما تقدم لما ورد في الحديث (من تشبّه بقوم فهو منهم) ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفار في كل ما اختصوا به. وقد كان عليه الصلاة والسلام يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود إن محمدًا يريد أن لا يدع شيئًا إلا خالفنا فيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير