قيمة اعتماد الاستيراد بالكامل (وهي قيمة البضاعة المستوردة) و من ثم يصدر البنك خطاب الضمان و يسلمه للعميل فيقوم العميل بتسليمه إلى وكلاء الباخرة المعنيين.
8 - مدى استفادة البنك من خطاب الضمان:
هذا التعهد الذي ألزم البنك به نفسه مع العميل له بأن يدفع للطرف المستفيد من عملية المبلغ الصادر بموجبه خطاب الضمان و وفق ما فيه من شروط و إجراءات للبنك من وراء هذا مصلحة مادية و هي ما تسمى بالعمولة بمعنى أن البنك يستحق بالشرط على العميل نسبة مئوية معينة مقابل هذا التعهد و هذه الخدمة نحو 2 % حسبما يتم الاتفاق عليه.
(وبهذا ينتهي المبحث الأول الذي يعطي التصور الكامل لخطابات الضمان الجارية في المصارف و البنوك مع عملائها أمام المستفيدين منهم)
المبحث الثاني
الفقه الشرعي لخطاب الضمان
قد علم بأصل الشرع جواز الضمان و هو: ضم ذمّة الضامن إلى ذمة المضمون في التزام الحقوق المستحقة بمعنى التزام دين على دين آخر، وهو عقد إرفاق و إحسان جاء به الشرع مع ما فيه من توثيق للحقوق و حفظ لها.
و خلاصة ما تقدم في المبحث الأول لطبيعة خطاب الضمان تنحصر في الفقرتين الأخيرتين منه وهما:-
1 - أنواعه.
2 - عمولة البنك لقاءه.
أما أنواعه الأربعة المتقدمة فلم يظهر في ماهيتها ما يخرج عن المنصوص عليه في أحكام الضمان شرعاً و توفر شروطه فالضامن البنك مما يصح تبرعه و لوجود رضا الضامن و كون الحق معلوماً حالاً أو مالاً و أن أجله معلوم غير مجهول. سوى ما جاء في النوع الأول و هو خطاب الضمان الابتدائي فغنه من باب ضمان ما سيجب و ضمان ما لم يجب عقد معلق و قد علم أن الضمان عقد الالتزام لازم فلا يعلق كغيره من العقود اللازمة، و لأن الضامن التزم ما يلزم الأصيل المضمون عنه و هو (العميل) بعد. لكن الجمهور من أهل العلم على جوازه وهو مذهب الأئمة الثلاث- أبو حنيفة، و مالك،و أحمد و الشافعي – في القديم و الخلاف المذكور للشافعي في الجديد و ما ذهب إليه الجمهور ألص بأصول الشرع لاسيما إباحة التعامل في الأصل ما لم يعتوه مانع من غرر ونحوه.
و لا يظهر في ضمان ما لم يجب بعد ما يمنع فيبقى على الأصل و الله أعلم و لهذا قال الحنابلة: في تعريف الضمان هو: التزام ما وجب أو يحب على غيره مع بقائه عليه أو ضم الإنسان ذمته إلى ذمة غيره قيما يلزمه حالاً أو مالاً.
و قالوا في ضمان ما يؤو إلى الوجوب (يصح الضمان بالحق الذي يؤول إلى الوجوب فيصح الضمان بما يثبت على فلان أو بما يقر به أو بما يخرج بعد الحساب عليه أو بما يداينه فلان).
أخذ العمولة عليه:
أي أخذ (الأجرة) لا (الجعالة) فإن الجعالة: أن يجعل جائز التصرف شيئاً معلوماً لمن يعمل له عملاً معلوماً أو مجهولاً من مدّة معلومة أو مجهولة – فلا يشترط العلم بالعمل و لا المدة و تعيين العامل للحاجة.
فهي إذاً: التزام مال في مقابلة عمل لا على وجه الإجارة فليس ما هنا مما هنالك إضافة إلى أن الجعالة: عقد جائز من الطرفين لكل من العاقدين فسخها بخلاف الإجارة فهي عقد لازم ابتداء.
و إن كان وقع في عبارات بعضهم باسم الجعل على الضمان ففي هذا تسامح في التعبير أو على سبيل النزول بمعنى: أنه إذا لم يجز الجعل فالإجارة من باب أولى و إن كانت الجعالة في معنى الإجارة لكن الجعالة أوسع من باب الإجارة فالجعالة كما علمت في تعريفها فلا يشترط العلم بالعمل و لا المدة و يجوز فسخها من الطرفين بخلاف الإجارة فهي عقد على منفعة أو عين لازم من الطرفين لا يملك أحدهما فسخها.
و عليه فإن جمهور أهل العلم على تقرير عدم الجواز لأخذ العوض على الضمان كما في مجمع الضمانات على مذهب الإمام أبي حنيفة للبغدادي ص / 282. و الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي 3/ 404. و الشرح الصغير 3/ 242. و الفروع لابن مفلح الحنبلي 4/ 207، و كشاف القناع 3/ 262.
و غيرها مصرحة بالمنع وعدم الجواز، وجماع تعليلهم بالمنع فيما يلي:-
1 - أنه يؤول إلى قرض جر نفعاً وجه ذلك: أنه في حال أداء الضامن للمضمون له يكون العوض مقابل هذا الدفع الذي هو بمثابة قرض في ذمة المضمون عنه. و في خطاب الضمان: أقوى في بعض أحواله لأن المستفيد يستوفي عادة من البنك لا من العميل.
¥