تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبدءوا يتأثرون، ما خرج من السجن إلا وهم يتمسكون فيه يريدون أن يجلس معهم. قالوا: كم جاءنا من شيخ وكم جاءنا واعظ ما نفقه ما يقول؛

لأنهم مساكين يحسون بالفجوات، أبناء المسلمين ضاعوا بالقرناء في شتات لا يعلمه إلا الله عز وجل، ينشأ الطفل قل أن يرى أباه في اليوم الواحد، ما يأتي أبوه إلا في جوف الليل الأظلم، وسهران مع أصحابه أو في كده وتعبه، أين يجد التوجيه؟! كان الابن من الصغر يجلس مجالس الكبار يَعَلم كيف يستقبل الكبار كيف يكرم ضيفه؟! كيف يحسن رفده؟ كيف يتخلق بالأخلاق؟! يسمع قصص أبيه وجده وأسرته وعائلته وقصص الأخيار فيحب أن يفعل فعلهم؛ لكن في اليوم ما وجد هذا - إلا من رحم الله -، يجلس الساعات الطويلة مع قرناء السوء الذين يحطمونه ويدمرونه ويخذلونه عن طاعة الله عز وجل، فإذا دمرت نفسه خرج هذا المسكين وهو فلذة كبد لأَمَهْ من إماء الله أو عبد من عباد الله فتلقفه الأشرار في ذنب أو معصية، وقع في المعصية ودخل السجن انتهى كل شيء ما أحد يزوره! لا وليس وحدها نقصر في زيارته ونبدأ نأكل في عرضه فنغتابه، وننمه، ونتكلم فيه، وننظر إليه نظرات الشزر، وننظر وكأنه خرج من الإسلام؟!

ماهذا في دين الرحمة!! وما بعث الله نبيه-عليه الصلاة والسلام- إلا رحمة للعالمين، العبد العاصي شارب الخمر يقولون الصحابة: فيه وفيه .. فقال: ((مه!! لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم، إنه يحب الله ورسوله)) شارب خمر يقولون: هذا فلان الذي تقطر الخمر من لحيته فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((ما علمته إلا أنه يحب الله ورسوله)) العبد عليه - دائماً - أن يعلم الرسالة رسالة رحمة، ثم إذا خرج من هذا المجتمع وبدءوا ينظرون له هذه النظرة، فقل أن تجد من يزوره وقل أن تجد من ينصحه؛ لكن لو الأخيار ذهبوا لزيارته ودخلوا إليه وسلموا عليه ووعظوه وذكروه ولا يعظوه موعظة تكون مؤثرة أثراً ييئس من رحمة الله، بعضهم يعظ ويغلظ في الموعظة، لا: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} قول ينبأ بالرحمة، - يا أخي - ما نيئس منك، هذه هنّة وزلة، لعل الله أن يصلح بها، وكل جواد له كبوة، - يا أخي - ما نيئس منك إن شاء الله ترجع معنا والله يتولاك برحمته، إن شاء الله يكفر الله عنك هذا الذنب، تب إلى الله، ارجع إلى الله، أنت فيك - إن شاء الله - خير، وأنت ابن ناس أو كذا الكلام الطيب الكلام الذي يحيي جذوة الإيمان في القلوب وفي النفوس، فإذا بالرجل يستفيق من غفلته فأعَنَّاه على الشيطان ولم نعن الشيطان عليه؛ لكن إذا ما يزوه أحد، وخرج هذا المسكين في ريعان شبابه ومقتبل عمره مراهقون وشببه صغار في مقتبل حياتهم، تدمر حياتهم ويصبحون كلاً على المجتمع وبلاءً على المجتمع وحرب على المجتمع بسبب تصرفاتنا، لا نقول: نحن كل التصرفات لكن لتصرفاتنا أثر. بل الأدهى من ذلك والأمَرُّ أنه جاءني من يشتكي يقول: ولدي دخل السجن وجئت أزوره فعاتبني إمام المسجد!

فالبعض عن حسن نية يغلو في الطاعة، والده فلذة كبده ما يروح ينظر إلى ولده! فهذه أخطاء تقع، نذهب وننصحه ونذكره فإذا رجع إلى بيته جئنا وأحطنا به لأنه غريق ينبغي علينا أن ننقذه وننتشله، ثم إذا رجع بعد خروجه من السجن وصلح حاله نحبه ونكرمه ونجله ونوقره؛ لأن من ذاق لذة المعصية، فتركها وتاب إلى الله فهو بخير، حتى إن بعض العلماء يقول: من عصى، وتاب إلى الله بعد لذة المعصية وشهوة المعصية، ولم يرجع إليها أفضل ممن من لم يعص؛ لأن الذي ذاق لذة المعصية وشهوة المعصية ورأى فتنة المعصية والمغريات وجاء رجع إلى الله عز وجل كل فترة يأتيه الشيطان يذكره بهذه المعاصي ولذاتها، فإذا به يعيش حياة مليئة بالجهاد والصبر على طاعة الله عز وجل يقول: لا .. ثم لا .. ، ولذلك عصى -آدم عليه السلام- كما نص الله-تعالى-: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}، فالذي اجتبى الأنبياء والصالحين والأخيار في كل زمان ومكان رحمته واسعة! ولن تضيق بسببنا، فعلينا أن ننصح ونذكر، والأب الذي تعلم أن ابنه في السجن تزوره وتأتي إليه وتجلس معه وتنصحه، وتقول له: أنا لا ألومك أكثر مما أنت فيه لكن أقول لك تذكر لو هذا الأبن تعهدته وتابعته، ونريد أن ابنك إذا رجع تقوم عليه ويجتمع الحي وتجتمع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير