[هذه دعوتنا للشيخ سالم العجمي _حفظه الله_]
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[16 - 01 - 08, 11:40 م]ـ
هذه دعوتنا
http://www.salemalajmi.com/images/line.gif
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وعبده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد ..
فإن الدعوة إلى الله مهمة عظمى، ومبلغ أسمى، وخير ما يدخره العبد بين يدي الله يوم لقائه ..
ولله المنة الخالصة على من وُفِّق إليها وكان من جنوده، فعمل في سبيل ذلك دون كلل ولا ملل، واجتهد في إصلاح الناس، وبثِّ ما شأنه أن يقودهم إلى كل خير.
ومنتهى التوفيق والسداد أن تكون هذه الدعوة على منهاج النبوة، دون ميل ولا انحراف، دعوة وسط، لا وكس ولا شطط: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً}.
فدعوة الناس إلى السنة الغراء، والمحجة الواضحة البيضاء، هي الجهاد الممدوح صاحبه، الذي يبذل نفسه ووقته وماله وجهده من أجل إرساء قواعد الدعوة إلى الخير.
ومن أراد نصرة الدعوة وتوضيحها وبيانها وإيصالها إلى الناس، فلا بد أن يتحلى بأعظم سلاح يجاهد به الأعداء، ويندحر به الخصوم (وهو العلم).
ومن لم يكن له علمٌ يعينه انقطع به الدرب، وفاته الركب، وخارت قواه، وذبلت نضارته، ويبست أوراقه.
فإذا به يحتاج إلى من يرفعه بعد أن كان يرى في نفسه أنه سيفعل ما لم تفعله القبائل، ويأت بما لم تأت به الأوائل.
وإذا به يرجع عامياً، يقضي وقته بالكلام وسفاسف الأوهام.
فمن أراد نصرة الدعوة إلى السنة والعقيدة الصحيحة فلابد أن يتحلى بالعلم، فإذا تحلى به فقد أمسك بيده السلاح، الذي يدفع به الشبهة ويدحر به الهوى، وإذ به قد سلك طريق المجاهدين، الذين يذبون عن الدين، ويوضحون للناس ما التبس عليهم، وعكّر صفو عقائدهم.
وهذا أعظم الجهاد، وهو أفضل من ضرب السيوف، وطعن الرماح، والقصف بأشنع الأسلحة، قال ابن القيم رحمه الله: "والجهاد بالحجة واللسان، مقدمٌ على الجهاد بالسيف والسنان"، وقال: "فالجهاد بالعلم والحجة، جهاد أنبيائه ورسله وخاصته من عباده المخصوصين بالهداية والتوفيق والاتفاق، ومن مات ولم يغزُ ولم يحدث نفسه بغزو، مات على شعبة من النفاق" اهـ.
فيا معاشر المسلمين:
إن الأمة تحتاج لطالب العلم الذي يبصرها في دينها أكثر من حاجتها إلى شيء آخر، لأن بالعلم يعبد المسلم ربه على بصيرة، ويعرف سبيل السعادة والنجاة، فينجو من غياهب الظلمات، ويفر من مواقع الفتن.
ولو نظرنا في تاريخ الأمة وأمجادها، نجد أن من بلغ بها السؤدد هم العلماء الربانيون، الذين أناروا طريق السالكين، وأرشدوا كل تائه، وهدوا كل حائر.
ومن عرف عظم الأجر في طلب العلم، ومنازل أهل العلم ومكانتهم، وحاجة الأمة إلى طالب العلم، جعل ذلك هدفاً لا يألوا جهداً في سبيل الوصول إليه.
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شاب، قلت لشاب من الأنصار: يا فلان: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنتعلم منهم فإنهم كثير، فقال: العجب لك يا ابن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قال: فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة، وتتبع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كنت لآتي الرجل في الحديث يبلغني أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على بابه تسفي الريح على وجهي، حتى يخرج، فإذا خرج، قال: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالَك؟ فأقول: بلغني حديث عنك أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: فهلا بعثت إليّ حتى آتيك، فأقول: أنا أحق أن آتيك.
فكان الرجل بعد ذلك يراني وقد ذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتاج الناس إليّ، فيقول: كنتَ أعقلَ مني".
فالعلم الشرعي سبب إلى الدين، ومنبهة للرجل، ومؤنس في الوحشة، وصاحب في الغربة، ووصلة في المجالس، وذريعة في طلب الحاجة، ورفعة لأهله.
قال الحجاج لخالد بن صفوان: من سيدُ أهل البصرة؟ فقال له: الحسن البصري، قال: وكيف ذاك وهو مولى؟!، قال: احتاج الناس إليه في دينهم، واستغنى عنهم في دنياهم، وما رأيت أحداً من أشراف البصرة إلا وهو يطلب الوصول في حلقته إليه، ليستمع قوله، ويكتب علمه، قال الحجاج: هذا والله السؤدد.
¥