قلت: و قوله " و يدعو بينهن " أي بين الركعات الثمانية لم يقله غيره و هذا كافٍ للدلالة على عدم ضبطه. و قد أشار الإمام ابن خزيمة إلى ذلك فقال (2/ 141): زاد هارون في حديثه في هذا الموضوع.اهـ
و قد رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي عروبة به. و لفظه:
" يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيجلس فيذكر الله عزوجل ثم يدعو ... "
أخرجه أبو داود (1343) و النسائي (1601)
قال عبد الله بن أحمد في " العلل " (2/ 338): حدثني أبي – يعني الإمام أحمد – قال: قال عبد الرحمن بن مهدي: يحيى بن سعيد عالم بحديث سعيد بن أبي عروبة.اهـ
و تابعه ابن أبي عدي بنحوه، لا يذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم، و هو عند مسلم برقم (139/ 746)
و كذلك رواه جماعة من الحفاظ عن قتادة و هم من أثبات أصحابه، منهم:
هشام الدستوائي: عند إسحاق بن راهويه (1317) و الدارمي (1475) و النسائي (1719).
و همام: عند أبي داود (1342).
و معمر: عند عبد الرزاق في " مصنفه " (4741) و أحمد (25386) و إسحاق بن راهويه (1316) و النسائي (1721). ليس في رواية هؤلاء شيء مما ذُكر من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم.
الوجه الثاني: حتى و إن سلمنا أن رواية الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم محفوظة، فليس في الحديث ذكر التشهد و إنما فيه الحمد و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم و الدعاء.
الوجه الثالث: حتى و إن قلنا أن ذلك كان في التشهد، فإنها كانت في صلاة الليل، و هي ليست كالفريضة التي تصلى جماعة عادة. و يبدو أن الشيخ رحمه الله قد تسمع مثل هذا الكلام فقال في " تمام المنة " (1/ 224): و لا يقال: إن هذا في صلاة الليل لأننا نقول: الأصل أن ما شُرع في صلاة، شرع في غيرها دون تفريق بين فريضة أو نافلة فمن ادعى الفرق فعليه الدليل.اهـ
قلت: الدليل؛ أن التشهد الأول لا يُشرع في الفريضة في أقل و لا أكثر من ركعتين، و هذا التشهد قد وقع بعد ثماني ركعات، و ليس له نظير في الفريضة، فلا يلحق به للفارق بينهما.
و الخلاصة: أن حديث عائشة رضي الله عنها لا يسعف من استدل به على شرعية الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في التشهد الأول للوجوه التي سبق ذكرها، و الله تعالى أعلم.
ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[03 - 02 - 08, 11:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيوخنا الأفاضل و بارك في علمكم ووقتكم.