تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ليس حلا]

ـ[علي تميم]ــــــــ[17 - 01 - 08, 08:05 م]ـ

ليس حلاّ أن ننظر في السبب الحسي وحده دون السبب الشرعي، فقد أطال كثير من المحللين والمهتمين في تقصي الأسباب الحسية لهذه المشكلة -غلاء الأسعار- العامة التي أضرت بعموم المسلمين، ليس في بلادنا فحسب، بل في غالب أقطار المسلمين، فلم يوفق كثير من هؤلاء المحللين للعلاج الناجع، لكونهم غفلوا عن السبب الشرعي الذي ينبغي أن يبذل الجهد في تقصيه، وإمعان النظر فيه لدرء مثل هذه المصائب عن بلادنا الغالية، فهو السبب الرئيسي في كل مصيبة تحلّ بالبلاد والعباد، وما عداه من الأسباب الحسية فهو في الواقع مسبب لا سبب، وإن كانت تجب معالجة كلا السببين، الشرعي والحسي، إلا أن إمعان النظر في السبب الشرعي أهم وآكد لاجتثاث المصيبة من جذورها، لئلا تنشأ فتعود هي أو غيرها مرة أخرى، ولهذا نجد حال كسوف أو خسوف أحد النيرين أننا مأمورون بالاجتهاد في النظر إلى الأسباب الشرعية، يقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لاينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإنما يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتموهما فادعوا الله حتى ينكشف مابكم" فالاجتهاد في الدعاء والصلاة نصبه الله سبباً شرعياً ليكشف به هذه المصيبة، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الجمع بين الأسباب الحسية والشرعية للمصائب: لا تنافي بينهما، لأنها ـ أي المصائب ـ عقوبات لها أسباب طبيعية يقدرها الله حتى تكون هي المسببات، وأما السبب الشرعي فهو ما كسبته الأيدي من الذنوب، فيوقع الله هذه النذر لتخويف العباد ليستقيموا على دين الله ".ا هـ

لقد تواترت نصوص الكتاب والسنة مبينة أسباب المصائب التي تقع في الأرض، وهي ما يكسبه العباد من الذنوب والمعاصي، ولو يؤاخذ الله عباده بكل ما كسبوه لما ترك على ظهر الأرض من دابة، ولكن من رحمته ولطفه أن يرسل إليهم الآيات والنذر ليذيقهم بعض ما عملوا لعلهم يرجعون، قال الله سبحانه "وما نرسل بالآيات إلا تخويفا" وقال تعالى "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" قال ابن عباس رضي الله عنهما: المراد بالفساد نقصان البركة وتلف الأموال بأعمال العباد كي يتوبوا، ويقول الله سبحانه "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" قال ابن كثير: أي مهما أصابكم أيها الناس من المصائب، فإنما هي من سيئات تقدمت لكم "، وفي وقعة أحد لما انهزم المسلمون مع كثرتهم، عجب بعضهم، فقالوا "أنّى هذا" أي كيف انهزمنا مع كثرتنا، فأجابهم الله بقوله "قل هو من عند أنفسكم" أي: إن ما جرى عليكم من الهزيمة والقتل كان بسبب أنفسكم، فعودوا باللوم عليها.

فالمقصود بيان شؤم المعصية وسوء عاقبتها على الفرد والجماعة، فالمتعين على ناصحي الأمة وعقلائها أمام هذه المصائب وأمثالها التفطن لهذا السبب الأعظم، ولا يمنع هذا من تقصي الأسباب الطبيعية الأخرى، ولكن النظر إليه كسبب رئيس هو الطريق الأمثل لمعالجة كل مصيبة.

إن حاجة الأمة إلى تبصيرها بأدوائها وأخطائها، وحاجتها لمعالجة هذه الأدواء بطبّها الحقيقي (الكتاب والسنة) أعظم بكثير من حاجتها إلى الطعام والشراب، لأنها بذلك تغذي روحها وتحفظ أمنها واستقرارها ورغد عيشها وتحل مشاكلها وتدرأ كل مصيبة عنها، بل ويكفيها الله بهما شر عدوها، قال الله سبحانه عن أهل الكتاب "ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم" وقال سبحانه "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".

علي فهد أبا بطين عضو هيئة التدريس في الكلية التقنية بالقصيم

http://www.alwatan.com.sa/news/ad2.asp?issueno=2666&id=1742

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[17 - 01 - 08, 08:09 م]ـ

بارك الله فيك ونفعك بك، ووفقني وإياك لما يحب ويرضى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير