[رعاية النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته ببناته في حياتهن إلى بعد موتهن]
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[19 - 01 - 08, 03:56 ص]ـ
[رعاية النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته ببناته في حياتهن إلى بعد موتهن]
سؤال:
كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعامل بناته في الفترة قبل بلوغهن سن 17؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
يصعب جداً معرفة كيفية معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لبناته في هذه الفترة من أعمارهن، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة رضي الله عنها وكان عمره 25 سنة، وأوحي إليه وعمره أربعون سنة، ثم ماتت خديجة رضي الله عنها بعد عشر سنوات من النبوة تقريباً.
وبنات النبي كلهن من خديجة رضي الله عنها [زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن]، ومعنى ذلك أن أكثرهن بلغ هذه السن (أي: 17 سنة) في مكة، ففاطمة رضي الله عنها وهي أصغرهن – على ما اختاره ابن عبد البر رحمه الله في "الاستيعاب" (4/ 178) – ولدت قبل المبعث بقليل، وقد كان المسلمون في مكة قلة مضطهدين معذبين، فلم يمكنهم في ذلك الوقت نقل أشياء تفصيلية عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما ولم يكن متزوجاً في ذلك الوقت إلا بخديجة رضي الله عنها فقط، وقد توفيت قبل الهجرة بسنوات.
ولكن يمكننا أن نتكلم عن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لبناته على سبيل العموم في هذه الفترة من أعمارهن وغيرها.
ثانياً:
مما لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة للمسلمين، وحياته صلى الله عليه وسلم فيها نماذج عالية لكيفية تعامل الحكام مع شعوبهم، وتعامل الأزواج مع زوجاتهم، والآباء مع أولادهم وأحفادهم، والدعاة مع المدعوين، والعلماء مع طلاب العلم، وتعامل القادة مع جنودهم، وهكذا في جميع جوانب الدين، والدنيا، وقد قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) الأحزاب/ 21.
قال ابن كثير رحمه الله:
هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، في أقواله، وأفعاله، وأحواله، ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، في صبره، ومصابرته، ومرابطته، ومجاهدته، وانتظاره الفرج من ربه عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين.
" تفسير القرآن العظيم " (6/ 391).
وأما بخصوص معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لبناته فقد كانت غاية في الرحمة والحكمة، وقد كان له من البنات أربع، وكلهن من خديجة رضي الله عنها، وهنَّ: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وكلهن أدركن الإسلام، وأسلمن، وكلهن توفين قبله إلا فاطمة، فإنها تأخرت بعده بستة أشهر.
وتتمثل جوانب الرحمة والحكمة في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لهن في صور متعددة، وأمثلة متنوعة، منها:
1. دعوته لهنَّ للإسلام بالحسنى، رحمةً بهن.
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قَالَ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مالِي لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).
رواه البخاري (2602) ومسلم (206).
قال ابن إسحاق: وأما بناته: فكلهن أدركن الإسلام، فأسلمن، وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم.
" الروض الأنف " السهيلي (2/ 157).
2. عنايته صلى الله عليه وسلم بهن في مرضهن حتى في أشد الأوقات.
فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج لبدر أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يبقى عند زوجته رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها كانت مريضة.
¥