يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: (قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ) رواه البخاري (430) ومسلم (2409).
10. رقة النبي صلى الله عليه وسلم لابنته الغائبة عنه، والشفاعة في إطلاق زوجها المأسور عند المسلمين، والاشتراط عليه إرسالها للمدينة.
وكل ذلك يدل على عطف النبي صلى الله عليه وسلم على بناته، وشدة تعلقه بهن، وهو مع هذا يريد لهن الخير والنجاة من بيئة الكفر خشية الافتتان، ويحب لبناته ما يحببن لأنفسهن من الخير، وخاصة إن تعلق الأمر بزوج لها، أو ولد.
وكل ما سبق يجمعه حديث واحد صحيح:
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بِمَالٍ وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ عِنْدَ خَدِيجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ، قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، فَقَالُوا: نَعَمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ عَلَيْهِ أَوْ وَعَدَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ [موضع على مشارف مكة] حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا. رواه أبو داود (2629) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله:
(رقَّ لها) أي: لزينب، يعني: لغربتها، ووحدتها، وتذكر عهد خديجة، وصحبتها، فإن القلادة كانت لها، وفي عنقها.
" عون المعبود العظيم " (7/ 254).
11. المشاركة في عقيقة أولاده من بناته.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا. رواه أبو داود (2841)، وفي رواية النسائي (كبشين كبشين) وقال الشيخ الألباني عنها: إنها الأصح.
12. متابعة بناته رضي الله عنهن عند أزواجهن، والتوجيه نحو عدم الركون لمتاع الدنيا.
عنْ علي رضي الله عنْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنْها شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ فَقَالَ: (عَلَى مَكَانِكُمَا) فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ: (أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَتُسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ) رواه البخاري (3502) ومسلم (2727).
13. وتستمر عناية النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته ببناته حتى بعد وفاتهن، وتمثل ذلك في:
أ. الاهتمام بغسلهن ووضع شيء من ثيابه مع إحداهن.
فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ، فَقَالَ: (اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي)، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ – أي: إزاره - فَقَالَ: (أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ) رواه البخاري (1195) ومسلم (939).
(أشعرنها): هو من الإشعار، وهو إلباس الثوب الذي يلي بشرة الإنسان، ويسمَّى شعاراً لأنه يلامس شعر الجسد.
وابنته هي: زينب، كما جاء مصرحاً به في رواية مسلم.
ب. شهود جنازتهن، ودفنهن.
ولو أردنا الوقوف عند كل موقف لنبينا صلى الله عليه وسلم من المواقف السابقة لطال بنا المقام، ولعلَّ السائل يرجع لكتب السيرة، وشروح الأحاديث، ويقف بنفسه على فوائد تلك المواقف، وأهميتها في حياة المسلم أن يأتسي بها، ويقتدي بهديها.
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=110501&ln=ara
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[19 - 01 - 08, 03:26 م]ـ
شيخنا الفاضل لاحرم الله رواد الملتقى من اسهاماتكم
جزاكم الله خيرا وصلى الله على نبينا الكريم وعلى آله الطيبين الطاهرين
¥