تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولياءها بشرائها، وهذا يعتبر من الظلم كما ذكر بعض أهل العلم رحمةُ الله عليهم، بل ينبغي على الزوج أن يشتري آلة الطهي وإعداد الطعام ومواعينه ونحو ذلك وهو ملزمٌ بها شرعاً، ولكن قد تطالب المرأة بما هو أفضل، فتطالب بشراء ما هو أغلى وأجود، فمن حق الزوج أن يردها إلى الوسط الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، خاصةً إذا كان من غير ذوي اليسار. كذلك أيضاً: ينبغي على الزوج وهو الحق الثاني في الإطعام إذا قلنا أنه ينبغي عليه أن ينفق عليها في طعامها فالسؤال: هل يجب عليه أن يعطيها نفقة الطعام بيدها، أم أنه يشتري الطعام لها؟ إذا كان الزوج يريد إعطاء المرأة المال بيدها فلا بأس، لكن إذا كانت المرأة سفيهةً بالتصرف ولا تُحسن القيام والنظر لنفسها وولدها، فإن من حقه أن يلي شراء ذلك، قال العلماء: إنه إذا كانت المرأة لا تُحسن الأخذ لنفسها ولا الإعطاء لغيرها كان من حقه أن يأخذ النفقة، لكن الأصل أنه يعطيها النفقة بيدها، وقال العلماء: يختلف ذلك باختلاف الناس، فإن كان من الفقراء والضعفاء لزمه أن يعطي النفقة كل يومٍ

هذه الحقوق أعظمها وأجلّها:

حق الأمر بطاعة الله عز وجل، فأول ما ذكر العلماء من حقوق الزوجة على زوجها أن يأمرها بطاعة الله تبارك وتعالى، وهذا الحق من أجله قام بيت الزوجية، فإن الله شرع الزواج وأباح النكاح؛ لكي يكون عوناً على طاعته، ويكون سبيلاً إلى رحمته، فالواجب على الزوج أن يأمر زوجته بما أمر الله، وأن ينهاها عما حرم الله، وأن يأخذ بحجزها عن عقوبة الله وناره، أشار الله تعالى إلى هذا الحق العظيم بقوله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132]. قال بعض العلماء: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، والأمر للأمة وللرجال من الأمة أن يأمروا أهليهم بما أمر الله؛ وذلك بدعوتهم لفعل ما أوجب الله وترك ما حرم الله عز وجل، فيكون الزوج في البيت آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر؛ إذا رأى خيراً ثبّت قلب المرأة عليه، و إذا رأى حراماً صرفها عنه وحذّرها ووعظها وذكّرها، وإلا أخذها بالقوة وأطرها على الحق أطراً، وقصرها عليه قصراً حتى يقوم حق الله في بيته. قال بعض العلماء: كان بعض أهل العلم يتعجب من هذه الآية الكريمة: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا [طه:132]؛ لأن الله قال فيها: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ [طه:132] ثم قال بعد أن أمره بالصبر والاصطبار عليها: لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ [طه:132]، قالوا: إنه ما من زوج يقوم بحق الله وما فرض الله عليه في أهله وزوجه، ويعظها ويذكرها حتى يقوم البيت على طاعة الله ومرضاة الله، إلا كفاه الله أمر الدنيا، فالله عز وجل يقول: لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا [طه:132] كأن إقامته لأمر الله طريقٌ للبركة في الرزق وطريقٌ للخير والنعمة على هذا البيت المسلم القائم على طاعة الله ومحبة الله عز وجل. للمرأة على بعلها حق الأمر بطاعة الله؛ ولذلك كان من وصية الله لعباده المؤمنين إذا أردوا الزواج: أن يختاروا المرأة الدينة المؤمنة الصالحة؛ لأنها هي التي تقيم بيتها على أمر الله عز وجل وما فرض الله، قال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، قال العلماء: إنما قال: (فاظفر بذات الدين)؛ لأنها غنيمةٌ وأي غنيمة، إن أمرها بطاعة الله ائتمرت، وإن نهاها عن حدود الله ومحارمه انكفت وانزجرت، وهذا الحق -وهو الأمر بطاعة الله- إذا ضيعه الزوج خذله الله في بيته، وخذله الله مع أهله وزوجه وأولاده، فلم تر عينك رجلاً لا يأمر بما أمر الله في بيته ولا يتمعر وجهه عند انتهاك حدود الله مع أهله وولده إلا سلبه الله الكرامة وجعله في مذلةٍ ومهانة، وجاء اليوم الذي يرى فيه سوء عاقبة التفريط في حق الله الذي أوجب الله عليه في أهله وولده. أمرنا الله جل وعلا أن نقي أنفسنا وأهلينا ناراً وقودها الناس والحجارة، فمن ضيع هذا الحق سلب الله المهابة من وجهه، وسلب الله المهابة من قلب أهله وولده. وأما إذا رأت عيناك زوجاً آخذاً بحجز زوجته عن نار الله يقيمها على طاعة الله ومرضاة الله وجدت المحبة والمودة والهيبة والإجلال،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير