7 - ينبغي أن يحفظ الصبي عن الصبيان الذين عودوا التنعم والترفه ولبس الثياب الفاخرة وعن مخالطة من يرغب فيما ذكرناه. فإن الصبي إذا أهمل في أول النشأة خرج في الأغلب رديء الأخلاق كذاباً حسوداً سروقاً نماماً لجوجاً ذا فضول ومجون، وإنما يحفظ عن ذلك كله بحسن الأدب.
8 - ثم إنه يستحب أن يشغله في المكتب بتعلم القرآن وتفسيره وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والفقه ويحرص على حفظ القرآن عن ظهر قلب، وكذلك الأحاديث الصحيحة كالعمدة، وكذلك مختصر المقنع أو دليل الطالب؛ لأن الحفظ هو العلم فمن لم يحفظ لا يقدر على استخراج المسائل غالباً. والله اعلم.
ويعتمد في حفظ المواعظ الحسنة وأخبار الأبرار وحكاية أهل الصلاح في الزهد وحسن الرياضة فينغرس في قلبه حب الصالحين والاقتداء بهم. ويحذر من كتب الاشاعرة المعتزلة والرافضة وجميع أهل البدع.
9 - ينبغي أن يحفظ عن الإشعار التي فيها الهجاء والعشاق ويحفظ عن مخالطة من هذه حاله من إتباع الهوى فإن ذاك مهما انغرس في قلوب الصبيان فإنه يبذر الفساد في النفوس.
10 - أن يعود كتابة الخط وحفظ الأمثال الشعرية والأشعار الزهدية فإن ذلك صفة كمال وزينة، وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عليكم بحسن الخط فإنه من مفاتيح الرزق.
11 - إذا ظهر من جهة الصبي فعل جميل وخلق حسن فينبغي أن يكرم عليه ويجازى بما يفرح به، ويمدح بين أظهر الناس. فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة فينبغي أن يتغافل عنه ولا يهتك ستره في ملأ من الخلق ولا يكشف في وجهه ويظهر له أن مثل هذا لا يتجاسر عليه أحد لاسيما إذا ستره الصبي وأخفاه.
12 - أنه إن عاد إلى ذلك فينبغي أن يعاتب سراً ويعظم عليه الأمر ويقال له إياك أن يطلع عليك مثل هذا فتفتضح بين الناس. ولا يكثر عليه العتاب في كل حين فإن ذلك يهون سماع الملامة في حقه ويسقط وقع الكلام في حقه.
13 - أن يكون الأب حافظاً لهيبة الكلام معه ولا يوبخه إلا احيانا، والأم تخوفه الأب وتزجره عن القبائح وتظهر له الوعيد بشدة الأب وخوفه منه.
الأم مدرسة إذا أعددتها * أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا * بالدين أورق أيما إيراق
14 - ينبغي أن يمنع من النوم نهاراً فإن ذلك يورث الكسل في حقه ولا يمنع من النوم ليلاً لأن منعه من النوم ليلاً يورث الملالة والتسخن وشدة النعاس.
15 - ينبغي أن يمنع من استعمال الفرش الوطية حتى تتصلب أعضاؤه ويستخف بدنه فلا يصبر عن التنعم. بل يعود الخشونة في الملبس والمفرش والمطعم والمشرب. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (أياكم وفضول المطعم فإنه يسم القلب بالقسوة)
16 - ينبغي أن يمنع من كل ما يفعله في خفية لا يخفيه فإنه لا يخفيه إلا وهو يعتقد أنه قبيح فيدعو ذلك إلى أنه يتعود فعل كل قبيح.
17 - ينبغي أنيتعود في بعض النهار المشي في الحركة والرياضة حتى لا يغلب عليه الكسل ويتعود الميل إليه.
وإن كان ممن يعتاد الرمي
ويحبه فلا بأس أن بشغله، وهكذا الحال في ركوب الخيل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا تعد من اللهو، لهو الانسان بفرسه ولهوه بقوسه ولهوه بأهله).
18 - ينبغي أن يعود أن لا يكشف أطرافه ولا يسرع في المشي ولا يرخي يديه يحركهما وراءه فعل المتبختر.
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المشية، هكذا حال التمطط عند المشي مكروه أيضاً وقد نهي عنه.
19 - ينبغي أن يمنع من الافتخار على أقرانه وأمثاله بشيء مما يملكه أبواه أو بشيء من مطاعمه وملابسه ونحو ذلك ويعود التواضع والإكرام معهم.
20 - يمنع أن يأخذ من الصبيان أمثاله شيئاً إذا كان من أهل الشرف والرياسة ويقرر في نفسه أن الأخذ لوم وخسة ونزول قدر وأن العطاء كرم وشرف.
وإن كان من أولاد الفقراء فيقرر في نفسه أن الأخذ طمع وفي الطمع مهانة ومذلة وأن ذلك من دأب الكلاب فإنه يتذلل في انتظار اللقمة.
21 - ينبغي أن يقبح إلى الأولاد حب الذهب والفضة والطمع فيهما ويحذر منهما أكثر مما يحذر من الحيات والعقارب والسموم.
فإن آفة حب الذهب والفضة والطمع فيهما أكثر من آفة السموم على الصبيان بل على الأكابر من العقلاء، فإن ضرر السم ينقطع بالموت وضرر حبهما يتجدد بعد الموت.
22 - ينبغي أن يعود أن لا يبصق في المجلس ولا يمتخط بحضرة غيره ولا يستدبر غير من المسلمين ولا يكثر التثاؤب.
¥