تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ان الاصل في قيادة السيارة انها مباحة للرجال والنساء دون تفريق، الا إذا اقترن بقيادتها للسيارة امر محروم، أو التلبس حال قيادتها شيء من المحرمات، أو يخشى عليها من الضرر على نفسها أو عرضها، فحينئذ يحرم على المرأة قيادة السيارة للصفة التي اقترنت بها؛ وذلك لانه لا بد من ربط الاحكام الشرعية التكليفية بما يتصل بها من اسباب موجبة لها، وشروط لتحقيقها، وموانع ان وجدت زال اثر السبب، فاذا وجد السبب، وتحقق الشرط، وزال المانع ترتب على الفعل الاثر الشرعي، والتكليف الذي ارتبط به.

وهذا ما ايدته الفتوى الصادرة من وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في دولة الكويت رقم (7/ 22/83)، والتي نصت على ان "قيادة المرأة للسيارة جائزة إذا لم يقترن بذلك امر محرم، كاتخاذها وسيلة للمعصية، أو التلبس حال قيادتها بشيء من المحرمات، كابداء الزينة، وترك ستر ما يجب عليها ستره، وهو بدنها كله، ما عدا الوجه والكفين، وكترك التحرز عن السفر وحدها دون زوج أو محرم، كما رات اللجنة ان تعليم المرأة قيادة السيارة جائز ايضا، إذا خلا عن امر محرم، كظهور ما يجب ستره مما سبق بيانه، وكذلك اللمس المحرم، مع التزام الحشمة، والاقتصار على ما يتطلبه التعليم، دون المباسطة، أو الانفراد في مناطق خالية".

وقد ذهب فريق من العلماء، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – إلى عدم جواز قيادة المرأة للسيارة، واستدل على ذلك بما تؤديه من مفاسد كثيرة وعواقب وخيمة، منها الاختلاط بالرجال من دون حذر، ومنها ارتكاب المحظور الذي من اجله حرمت هذه الامور، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم، واعتبرها محرمة، وقد امر الله – جل وعلا –نساء النبي – صلى الله عليه وسلم – ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت، والحجاب، وتجنب اظهار الزينة لغير محارمهن، لما يؤدي إليه ذلك كله من الاباحة التي تقضي على المجتمع ... قال تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى واقمن الصلاة واتين الزكاة واطعن الله ورسوله). وقال تعالى: (يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين). وقال تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو ابنائهن أو ابناء بعولتهن أو اخوانهم أو بني اخوانهن أو بني اخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت ايمانهم أو التابعين غير اولي الاربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبا إلى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون). وقال النبي – صلى الله عليه وسلم (ما خلا رجل بإمرأة الا كان الشيطان ثالثهما)، فالشرع المطهر منع جميع الاسباب المؤدية إلى الرذيلة، بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة، وجعل عقوبته من اشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر الرذيلة، وقيادة المرأة من الاسباب المؤدية إلى ذلك.

وعندما ننظر إلى هذا الرأي نجد أنه لم يجعل القيادة محرمة لذاتها، ولكنها محرمة لما تؤدي من مفاسد، وأن ذلك من باب اختلاف الفتوى باختلاف الامكنة، واحوال الناس، فإن تحقق ما ذكره اصحاب هذا الرأي من مفاسد، فهي حرام، ولكن الخلاف في وجود هذه المفاسد من عدمه، متى ما التزمت المرأة بالاداب الشرعية لقيادة السيارة.

والراجح لدي هو القول بجواز قيادة المرأة للسيارة، ما لم تتحقق المفاسد، وهو ما اخذت به دولة الكويت في قرار وزير الداخلية رقم (81) لسنة 1976، باللائحة التنفيذية لقانون المرور، وذلك في المادة (87)، حيث لم تشترط المادة المذكورة لمنح رخصة القيادة.

المبحث الاول

القواعد الشرعية لقيادة السيارة

لقد شرع الاسلام احكاما تستنبط من القواعد العامة في الشريعة الاسلامية لتحكم جميع مجالات الحياة، بما فيها قيادة السيارة، وسوف نتناول شروط جواز قيادة السيارة ونقارنها بالمرور الكويتي، وهي كما يلي:

اولا: ان يكون قصد القيادة مشروعا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير