تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بينا وسكنه وما ذاك إلا للمادة التي فيه من الشفاء وإذا دلك به الورم الذي يخرج في شعر العين المسمى شعرة بعد قطع رؤوس الذباب أبرأه. [زاد المعاد 4/ 101] يتبع ....

إعداد: أبي معاذ زياد محمد الجابري

ـ[أبو معاذ الجابري]ــــــــ[26 - 01 - 08, 11:33 ص]ـ

2/ 2

الطعن في هذ الحديث قديم وحديث ممن نصّب عقله وذوقه حكما على وحي الله وشرعه

َقَالَ الْخَطَّابِيُّ: تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيث مَنْ لَا خَلَاق لَهُ فَقَالَ: كَيْف يَجْتَمِع الشِّفَاء وَالدَّاء فِي جَنَاحَيْ الذُّبَاب، وَكَيْف يَعْلَم ذَلِكَ مِنْ نَفْسه حَتَّى يُقَدِّم [الصواب: يؤخر] جَنَاح الشِّفَاء، وَمَا أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: وَهَذَا سُؤَال جَاهِل أَوْ مُتَجَاهِل، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحَيَوَان قَدْ جَمَعَ الصِّفَات الْمُتَضَادَّة. وَقَدْ أَلَّفَ اللَّه بَيْنهَا وَقَهَرَهَا عَلَى الِاجْتِمَاع وَجَعَلَ مِنْهَا قُوَى الْحَيَوَان، وَإِنَّ الَّذِي أَلْهَمَ النَّحْلَة اِتِّخَاذ الْبَيْت الْعَجِيب الصَّنْعَة لِلتَّعْسِيلِ فِيهِ، وَأَلْهَمَ النَّمْلَة أَنْ تَدَّخِر قُوتهَا أَوَان حَاجَتهَا، وَأَنْ تَكْسِر الْحَبَّة نِصْفَيْنِ لِئَلَّا تَسْتَنْبِت، لَقَادِر عَلَى إِلْهَام الذُّبَابَة أَنْ تُقَدِّم جَنَاحًا وَتُؤَخِّر آخَر.

وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ: مَا نُقِلَ عَنْ هَذَا الْقَائِل لَيْسَ بِعَجِيبٍ، فَإِنَّ النَّحْلَة تُعَسِّل مِنْ أَعْلَاهَا وَتُلْقِي السُّمّ مِنْ أَسْفَلهَا، وَالْحَيَّة الْقَاتِل سُمّهَا تَدْخُل لُحُومهَا فِي التِّرْيَاق الَّذِي يُعَالَج بِهِ السُّمّ، وَالذُّبَابَة تُسْحَق مَعَ الْإِثْمِد لِجَلَاءِ الْبَصَر. وَذَكَرَ بَعْض حُذَّاق الْأَطِبَّاء أَنَّ فِي الذُّبَاب قُوَّة سُمِّيَّة يَدُلّ عَلَيْهَا الْوَرَم وَالْحَكَّة الْعَارِضَة عَنْ لَسْعه، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاح لَهُ، فَإِذَا سَقَطَ الذُّبَاب فِيمَا يُؤْذِيه تَلَقَّاهُ بِسِلَاحِهِ، فَأَمَرَ الشَّارِع أَنْ يُقَابِل تِلْكَ السُّمِّيَّة بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْجَنَاح الْآخَر مِنْ الشِّفَاء فَتَتَقَابَل الْمَادَّتَانِ فَيَزُول الضَّرَر بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى. [زاد المعاد 4/ 101]

قال الإمام الألباني-رحمه الله- (السلسة الصحيحة 1/ 59) عقب بحث نفيس يتعلق برواية: " إن أحد جناحي الذباب سم و الآخر شفاء، فإذا وقع في الطعام فامقلوه، فإنه يقدم السم و يؤخر الشفاء " وبعد أن سرد طرقه ورواته قال:

" ... قال الحافظ: و إسناده صحيح، كما في " نيل الأوطار " (1/ 55).أما بعد، فقد ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة، عن هؤلاء الصحابة الثلاثة أبي هريرة و أبي سعيد و أنس، ثبوتا لا مجال لرده و لا للتشكيك فيه، كما ثبت صدق أبي هريرة رضي الله عنه في روايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلافا لبعض غلاة الشيعة من المعاصرين، و من تبعه من الزائغين، حيث طعنوا فيه رضي الله عنه لروايته إياه، و اتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، و حاشاه من ذلك، فهذا هو التحقيق العلمي يثبت أنه بريء من كل ذلك و أن الطاعن فيه هو الحقيق بالطعن فيه، لأنهم رموا صحابيا بالبهت، و ردوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة! و قد رواه عنه جماعة من الصحابة كما علمت، و ليت شعري هل علم هؤلاء بعدم تفرد أبي هريرة بالحديث، و هو حجة و لو تفرد، أم جهلوا ذلك، فإن كان الأول فلماذا يتعللون برواية أبي هريرة إياه، و يوهمون الناس أنه لم يتابعه أحد من الأصحاب الكرام؟! و إن كان الآخر فهلا سألوا أهل الاختصاص و العلم بالحديث الشريف؟ و ما أحسن ما قيل:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة و إن كنت تدري فالمصيبة أعظم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير