تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواب: أما ما يذكر في قوة أبدانهم فالظاهر أنهم جميعاً كانوا كذلك، لأنهم يكلفون بأعمال هائلة جداً، ويضحون تضحيات جسيمة، فيؤيدهم الله تعالى على ذلك، وبالأخص كلام الملائكة واجتماعهم، فإن زيد بن ثابت رضي الله عنه قد ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مسنداً ركبته إلى فخذه، فنزل عليه الوحي فرضت فخذه حتى كاد يموت من شدة وطئه؛ وذلك من شدة الوحي، فمن لم يقو غاية القوة لا يمكن أن يتحمل الوحي؛ لذلك قواهم الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أفضلهم، حتى فيما يتعلق بالقوة، فقد ذكر عنه قوة عجيبة، وكان الناس يشاهدونها في كل الأمور، فكانت فيه قوة العقل وقوة الروح، وقوة البدن، حتى قوة الجماع، وقد عقد لها القاضي عياض رحمه الله باباً مستقلاً.

10 - السؤال: ذكر الله أنه رفع إدريس مكاناً علياً، فما الفرق بين رفعه ورفع عيسى؟

الجواب: رفع إدريس ليس كرفع عيسى، فإدريس لم يرد فيه أنه سينزل، بل أخبر الله أنه رفعه مكاناً علياً، وهذا الرفع يحتمل أن يكون رفعاً معنوياً ويمكن أن يكون رفعاً حسياً، ويمكن أن يكون لروحه وجسده، ويمكن أن يكون لجسده بعد موته، ويمكن أن يكون لروحه فقط؛ كل ذلك محتمل، ولم يرد فيه شيء يفسره؛ لكنه رفع بعد موته. وأما عيسى فإن الله توفاه في الدنيا، بمعنى: أنهى رسالته وأنه قد أدى مهمته وانتهت رسالته، وهذا معنى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55]، وقد رفعه الله حياً بروحه وجسده؛ ولذلك سيعود كما رفع، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سينزل حكماً عدلاً، وقت صلاة الفجر عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، وسيحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فسيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، وهذا في الأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويشهد له أيضاً قول الله تعالى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا [النساء:159]، وسينزل بين ملكين يمنيه على أحدهما ويساره على الآخر، كأنما خرج من ديماس إذا رفع رأسه تحدر منه مثل الجمان، وإذا طأطأه تساقط منه، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات من حينه، ونفسه يبلغ حيث يبلغ بصره، وهو الذي يقتل المسيح الدجال.

11 - السؤال: لماذا أمر الله رسوله باتباع ملة إبراهيم ونهاه عن التشبه بيونس عليهم السلام؟

الجواب: أما أمر الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم باتباع ملة إبراهيم، ونهيه عن أن يكون كصاحب الحوت الذي هو يونس عليه السلام، في قوله: وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ [القلم:48]، فنهيه عن أن يكون كصاحب الحوت مقيد؛ لأنه قال: إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ [القلم:48]، فالمنهي عنه اتباعه في حال واحد وهو تعجله في الدعاء، وأمره باتباع ملة إبراهيم يقتضي منه صبراً وأناة وحلماً وعدم استعجال في الدعاء على قومه. فيونس تعجل عقوبة قومه فدعا عليهم كثيراً، وتأخرت الاستجابة، فاستعجل في الإجابة فغاضب الله سبحانه وتعالى بأن سافر في البحر، وكادت السفينة أن تغرق، فاستهموا على من يلقوه في البحر فكان من المدحضين، فرموه في البحر فالتقمه الحوت، ثم بعد ذلك أنجاه الله، فعاد إلى قومه بعد فترة طويلة، فدعاهم فأسلموا أجمعين، فتحقق الوعد، وارتفع عنهم العذاب، وكانت خاصة لأمته أن الله رفع عنهم العقوبة بعد أن رأوها، ولم ير قط قوم الآيات إلا نزلت بهم العقوبة، وقد استثناهم الله من ذلك فقال: إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ [يونس:98]. وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لا تفضلوني على يونس بن متى). والوجه المعروف لدى المحدثين عموماً: أنه لا ينبغي الجزم بالتفضيل الذي يقتضي تنقصاً، فلو فضلته بوجه لا يقتضي تنقصاً فلا إشكال فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق؛ لكن إذا كان ذلك على وجه به تنقص مثل أن تتنقص نبياً من الأنبياء بسبب قصة حصلت له أو نحو ذلك، فهذا هو المنهي عنه شرعاً. لكن ابن سيد الناس ذكر وجهاً آخر بعيد المنال؛ ولذلك اشتهر به بين الناس، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به وعرج به فوق سبع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير