تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سماوات حتى أعلا الله منزلته هذا الإعلاء العظيم، ويونس كان في قعر البحر في جوف الحوت؛ لكنه ليس أقرب إلى الله منه، فالله تعالى قريب في علوه علي في دنوه، فهذا معنى التفضيل هنا، وهذا وجه استحسنه العلماء ورضوه، واشتهر به الرجل بين الناس.

12 - السؤال: لماذا لا يمتنع القتل في حق الرسل؟

الجواب: ليس مما يمنع في حق الرسل أن يقتلوا؛ لأن الموت كتبه الله على البشر: ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد ولذلك لا يستحيل في حقهم القتل؛ ولهذا قال الله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144]، وقد قتل بنو إسرائيل عدداً كبيراً من أنبياء الله، ونص على ذلك في القرآن، وهؤلاء جمعوا المقامات المختلفة، فجمعوا النبوة والرسالة والشهادة في سبيل الله، وهي أعلى درجات البشر، ومن هؤلاء زكريا ويحيى عليهما السلام، فقد صح أن بني إسرائيل قتلوهما، وكذلك حاولوا قتل عيسى بن مريم فرفعه الله، وشبه لهم بشخص فقتلوا ذلك الشخص وصلبوه. وكذلك قتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسم الذي وضعوا له بشاة خيبر، قال: (ما زالت أكلة خيبر تعادوني والآن حان انقطاع أبهري). فهؤلاء من الرسل الذين قتلوا في سبيل الله، والآيات مصرحة بكثرتهم، لقول الله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [آل عمران:146 - 147]. و (كأين) من الألفاظ التي تدل على التكثير والمبالغة، وهذا مبني على الاختلاف في القراءة في قوله: قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ [آل عمران:146]، ففي قراءة: (قتل معه ربيون كثير)، وهو اختلاف لا يغير هذا الحكم؛ لأن القراءتين كالآيتين، فيثبت حكماهما لتواترهما معاً. وعلى هذا: فالشهادة في سبيل الله منزلة عظيمة، ودرجة عالية، وقد صح في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل، ثم أحيا فأقاتل فأقتل، ثم أحيا فأقاتل فأقتل!) تمنى رسول الله هذا على الله سبحانه وتعالى.

13 - السؤال: لماذا ذكر الله أنه ما أرسل رسولاً إلا من أهل القرى؟

الجواب: أما كون الأنبياء جميعاً من سكان القرى كما أخبر الله بذلك في كتابه، فإن ذلك مقتض منهم لحصول الرفعة، وأهل البوادي دائماً أشد عنجهية وأسوأ أخلاقاً، وأقل نظافةً ممن سواهم؛ ولذلك قال الله تعالى في كتابه: الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ [التوبة:97]، وليس التحضر نسباً، حتى يقال: فلان بدوي، معناه: أن أباه كان كذلك، بل المقصود هو في نفسه، فلو سكن شخص من أهل البادية في الحاضرة، فإنه ليس من الأعراب ولا يدخل في ذلك؛ بل المقصود به من يتصف بهذه الصفة بنفسه لا بنسبه. الرسل عليهم الصلاة والسلام يراد بهم أن يسوسوا البشرية وأن يقودوها، فلا بد أن يعرفوا طرق تدبير المعاش، وهذه لا يعرفها أهل البوادي، ولا يعتنون بها، فأهل البوادي إنما يعيشون من الصيد -مثلاً- أو اتباع البهائم، ويعيشون مع الأحلام والأوهام كثيراً، وقد أخرج أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من طلب الصيد غفل، ومن بدا جفا)، ومعناه: من سكن البادية غلظ طبعه، (ومن طلب الصيد غفل)، أي: نقص عقله بقدر ذلك؛ فلهذا اختير الرسل من أهل القرى.

ـ[محمد براء]ــــــــ[28 - 01 - 08, 01:48 م]ـ

جزاك الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير