تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما حاجتي التي استعنتكم عليها، فتدعون لي الله وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي! فلما نصبوا أنفسهم للدعاء، وأرادوا أن يجتهدوا، أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم ويقول: سبحان الله أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينوني فيها؟ قالوا: والله ما ندري ما لنا، لقد كنا نسمر فنكثر السمر، وما نطيق الليلة سمرا وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه! فقال: يذهب بالراعي وتتفرق الغنم. وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعى به نفسه، ثم قال: الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات، وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة، وليأكلن ثمني! فخرجوا وتفرقوا. وكانت اليهود تطلبه، فأخذوا شمعون أحد الحواريين، فقالوا: هذا من أصحابه، فجحد، وقال: ما أتا بصاحبه، فتركوه. ثم أخذه آخرون، فجحد كذلك، ثم سمع صوت ديك، فبكى وأحزنه. فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود، فقال: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهما، فأخذها ودلهم عليه، وكان شبه عليهم قبل ذلك، فأخذوه فاستوثقوا منه وربطوه بالحبل، فجعلوا يقودونه ويقولون له: أنت كنت تحيي الموتى وتنتهر الشيطان وتبرئ المجنون؟ أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل؟ ويبصقون عليه، ويلقون عليه الشوك، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها، فرفعه الله إليه، وصلبوا ما شبه لهم، فمكث سبعا. ثم إن أمه والمرأة التي كان يداويها عيسى فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان حيث كان المصلوب، فجاءهما عيسى، فقال: علام تبكيان؟ قالتا عليك، فقال: إني قد رفعني الله إليه، ولم يصبني إلا خير، وإن هذا شيء شبه لهم، فأمرا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا! فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر، وفقد الذي كان باعه ودل عليه اليهود، فسأل عنه أصحابه، فقالوا: إنه ندم على ما صنع، فاختنق وقتل نفسه. فقال: لو تاب لتاب الله عليه! ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له: يحنا، فقال: هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة قوم، فلينذرهم وليدعهم.

وقال آخرون: بل سأل عيسى من كان معه في البيت أن يلقى على بعضهم شبهه، فانتدب لذلك رجل، فألقي عليه شبهه، فقتل ذلك الرجل ورفع عيسى ابن مريم عليه السلام. ذكر من قال ذلك:

8486 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه} ... إلى قوله: {وكان الله عزيزا حكيما} أولئك أعداء الله اليهود ائتمروا بقتل عيسى ابن مريم رسول الله، وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه. وذكر لنا أن نبي الله عيسى ابن مريم قال لأصحابه: أيكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا نبي الله. فقتل ذلك الرجل، ومنع الله نبيه ورفعه إليه.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم} قال: ألقي شبهه على رجل من الحواريين فقتل، وكان عيسى ابن مريم عرض ذلك عليهم، فقال: أيكم ألقي شبهي عليه له الجنة؟ فقال رجل: عليّ.

8487 - حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: أن بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلا من الحواريين في بيت، فقال عيسى لأصحابه: من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنة؟ فأخذها رجل منهم. وصعد بعيسى إلى السماء، فلما خرج الحواريون أبصروهم تسعة عشر، فأخبروهم أن عيسى عليه السلام قد صعد به إلى السماء، فجعلوا يعدون القوم فيجدونهم ينقصون رجلا من العدة، ويرون صورة عيسى فيهم، فشلوا فيه. وعلى ذلك قتلوا الرجل وهم يرون أنه عيسى وصلبوه، فذلك قول الله تبارك وتعالى: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم} ... إلى قوله: {وكان الله عزيزا حكيما}

8488 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن القاسم بن أبي بزة: أن عيسى ابن مريم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا رسول الله. فألقي عليه شبهه، فقتلوه، فذلك قوله: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير