يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ زَمَانَ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ." (متفق عليه)
ورد في فتح الباري، لابن حجر:
"قالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: أَرَادَ وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهُ رَأَى الْغُزَاة فِي الْبَحْر مِنْ أُمَّته مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّة فِي الْجَنَّة، وَرُؤْيَاهُ وَحْي، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي صِفَة أَهْل الْجَنَّة (عَلَى سُرَر مُتَقَابِلِينَ) وَقَالَ (عَلَى الْأَرَائِك مُتَّكِئُونَ) وَالْأَرَائِك السُّرَر فِي الْحِجَال. وَقَالَ عِيَاض: هَذَا مُحْتَمَل، وَيُحْتَمَل أَيْضًا أَنْ يَكُون خَبَرًا عَنْ حَالهمْ فِي الْغَزْو مِنْ سَعَة أَحْوَالهمْ وَقِوَام أَمْرهمْ وَكَثْرَة عَدَدهمْ وَجَوْدَة عَدَدهمْ فَكَأَنَّهُمْ الْمُلُوك عَلَى الْأَسِرَّة. قُلْت: وَفِي هَذَا الِاحْتِمَال بُعْد، وَالْأَوَّل أَظْهَر لَكِنَّ الْإِتْيَان بِالتَّمْثِيلِ فِي مُعْظَم طُرُقه يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى مَا يَئُول إِلَيْهِ أَمْرهمْ لَا أَنَّهُمْ نَالُوا ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَالَة، أَوْ مَوْقِع التَّشْبِيه أَنَّهُمْ فِيمَا هُمْ مِنْ النَّعِيم الَّذِي أُثِيبُوا بِهِ عَلَى جِهَادهمْ مِثْل مُلُوك الدُّنْيَا عَلَى أَسِرَّتهمْ، وَالتَّشْبِيه بِالْمَحْسُوسَاتِ أَبْلَغ فِي نَفْس السَّامِع."
وهذا ما فهمه البخاري من الحديث؛ وذلك لأنه وضع هذا الحديث أيضا تحت الترجمة التالية:
(بَاب الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي بَلَدِ رَسُولِكَ)
قال ابن حجر:" وَأَغْرَبَ اِبْن التِّين فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْحَدِيث تَمَنِّي الشَّهَادَة وَإِنَّمَا فِيهِ تَمَنِّي الْغَزْو، وَيُجَاب: بِأَنَّ الشَّهَادَة هِيَ الثَّمَرَة الْعُظْمَى الْمَطْلُوبَة فِي الْغَزْو"
ولو ذكر ابن حجر ما قاله فيما سبق:" الْإِتْيَان بِالتَّمْثِيلِ فِي مُعْظَم طُرُقه يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى مَا يَئُول إِلَيْهِ أَمْرهمْ لَا أَنَّهُمْ نَالُوا ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَالَة" مؤيدا قول ابن عبدالبر.
وبذلك نرى أن سبب ضحك الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو البشارة التي رآها في منامه بنيل أفراد من أمته هذه المنزلة الرفيعة في جنة الخلد نيجة لجهادهم في سبيل الله تعالى واستشهادهم.
والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[07 - 02 - 08, 06:26 م]ـ
4 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ
مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ.
تبسم ثغر الروض عند ابتسامه ... وفاضت عيون الغمام همول
* عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
" أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ قَحَطَ الْمَطَرُ فَاسْتَسْقِ رَبَّكَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَمَا نَرَى مِنْ سَحَابٍ فَاسْتَسْقَى فَنَشَأَ السَّحَابُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ مُطِرُوا حَتَّى سَالَتْ مَثَاعِبُ الْمَدِينَةِ فَمَا زَالَتْ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ مَا تُقْلِعُ ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ غَرِقْنَا فَادْعُ رَبَّكَ يَحْبِسْهَا عَنَّا فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ عَنْ الْمَدِينَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا يُمْطَرُ مَا حَوَالَيْنَا وَلَا يُمْطِرُ مِنْهَا شَيْءٌ يُرِيهِمْ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَةَ دَعْوَتِهِ " (متفق عليه)
ورد في فتح الباري:
"فَضَحِكَ " وَفِي رِوَايَة ثَابِت " فَتَبَسَّمَ " زَادَ فِي رِوَايَة حُمَيْدٍ " لِسُرْعَةِ مَلَال اِبْن آدَم "
والذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم تبسم تعجبا من سرعة ملال ابن آدم كما ورد في رواية حميد، والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[07 - 02 - 08, 09:49 م]ـ
5 - وإذا تبسم ضاء نور ثاقب ... لمن اهتدى كالبرق في الظلماء
*عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا فِي سَفَرٍ فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ فَقَالُوا لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ نَعَمْ فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ الرَّجُلُ فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَقَالَ حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ" (متفق عليه)
تبسم صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى هدى ذلك الصحابي إلى معرفة كون سورة الحمد رقية؛ وليؤكد له أن ما توصل إليه صحيح، وأنه صلى الله عليه وسلم يقره على ما فعل، وأن المال الذي حصل عليه حلال.
أين المشايخ والمعلمين، انظروا إلى فعله صلى الله عليه وسلم مع طلاب العلم بعين المتأمل.
والله أعلم وأحكم.
¥