فقد اطلعت على القوائم المالية لشركة الاتصالات المتنقلة السعودية "زين"، وتبين لي أن نشاطها مباح في الأصل، فهي المشغل الثالث للجوال في المملكة، ويبلغ رأسمالها (14 مليار ريال سعودي)، وستطرح الشركة (سبعمائة مليون سهم للاكتتاب)، بقيمة اسمية تبلغ عشرة ريالات للسهم الواحد. وقد حصلت الشركة على تمويل من عدد من البنوك المحلية والعالمية مقداره: (9.3 مليار ريال) عن طريق التورق المجاز من هيئات البنوك الممولة. كما حصلت على تمويل بقروض من المؤسسين بمقدار (2.1 مليار ريال)، ووفقاً لنشرة الاكتتاب، والقائمة المالية التي تلقيتها من رئيس مجلس إدارة الشركة صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله فإن هذه القروض بفوائد ربوية تبلغ (2،5%+سايبور)، وليس هناك تاريخ محدد للسداد.
وبعد مداولة الموضوع مع عدد من المشايخ الفضلاء، والتفاهم من خلال اتصالات عديدة مباشرة مع سمو رئيس مجلس إدارة الشركة، الذي أكد منذ البداية استعداده وشركاءه لتغيير كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، رؤي أن أفضل حل لهذه المشكلة هو أن يتنازل المؤسسون عن الفائدة الربوية، ويجعلوه قرضاً حسناً، كما قال ربنا عز وجل: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}، وبذلك يسلمون من الإثم، ويكسبون رضى الله تعالى، ثم رضى الناس، كما أن ذلك سيزيد من ثقة الناس بهذه الشركة والقائمين عليها، ويفيد المساهمين فيها من جراء توفير تلك الفوائد الربوية التي كانت ستدفعها الشركة لأولئك المقرضين. وقد وافق الشركاء مشكورين على ذلك، وأعلن سمو رئيس مجلس الإدارة عن ذلك في صحيفة الشرق الأوسط ليوم الأربعاء 28/ 1/1429هـ، ورغبت من سموه الكريم أن يزودني بصورة من الاتفاقية التي وقعها الشركاء المقرضون، فأرسلها إلي ممهورة بتوقيعاتهم جميعاً، وهي تتضمن ثلاثة بنود:
ينص أولها على: أن الشركاء وافقوا بموجب هذا العقد على تحويل القرض المشار إليه إلى قرض حسن.
وأما البند الثاني فينص على: إقرار جميع الشركاء على الموافقة التامة غير القابلة للنقض أو الإلغاء على اعتبار القرض الممنوح للشركة قرضاً حسناً لا يستحق عنه أية فوائد, ويسري ويطبق عليه أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية.
وأما البند الثالث فينص على الآتي: "يتنازل الشركاء بموجب هذا العقد عن حقهم القانوني في مطالبة الشركة بأية فوائد اتفاقية أو قانونية عن المدة السابقة ومن التاريخ الذي منح فيه القرض للشركة وحتى تاريخ موافقتهم على تغيير القرض إلى قرض حسن، المثبتة بموجب هذا العقد".
وبهذا يتبين جواز الاكتتاب في هذه الشركة، لإباحة نشاطها في الأصل، وسلامتها من القروض والاستثمارات الربوية.
وكم كانت سعادتي غامرة بما يسر الله من هذا الخير!! وقد كان اغتباطي بذلك من وجهين:
الأول: حرص مجلس إدارة الشركة ومؤسسيها على سلامة قوائمها المالية، وانضباطها بالضوابط الشرعية، ثم الاستجابة السريعة والحاسمة من المؤسسين المقرضين، وتنازلهم عن الفوائد الربوية المحرمة. فأسأل الله تعالى أن يتقبل منهم، ويضاعف أجورهم، ويرفع درجاتهم، ويخلف عليهم خيراً مما فاتهم، ويبارك لهم في أعمارهم وأولادهم وأموالهم.
الثاني: سلامة الشركة من الربا والمعاملات المحرمة، ليتاح الاكتتاب فيها لكل راغب في ذلك، وبخاصة من لا يرضون بالمساهمة في الشركات المختلطة بالربا ولو كانت أرباحها أضعافاً مضاعفة.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أؤكد على إخواني القائمين على هذه الشركة والمساهمين فيها أن يتقوا الله تعالى فيما يستقبلونه من الأيام، وأن يحرصوا على سلامة الشركة من جميع التعاملات المحرمة، سواء أكانت في باب التمويل أم الاستثمار أم الخدمات التي تقدمها الشركة.
كما أوصي القائمين على جميع الشركات التي تتعامل بالربا أو غيره من المعاملات المحرمة أن يتقوا الله تعالى ويقدموا رضاه على أطماعهم الدنيوية العاجلة، فما عند الله خير وأبقى، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وأن يحرصوا غاية الحرص على أن تكون جميع معاملاتهم موافقة للشريعة الإسلامية التي هي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها. والله من وراء القصد.
والحمد لله رب العالمين.
منقول من موقع الشيخ
¥