[أول صلاة لمسلم جديد]
ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[10 - 02 - 08, 06:57 م]ـ
يروي البروفسور جفري لانغ، أستاذ الرياضيات في الجامعات الأميركية كيفية اعتناقه للدين الإسلامي، وذلك في كتاب صدر له بعنوان "حتى الملائكة تسأل" فالكتاب يسطر قصة إسلام لانغ، ويتراوح بين لحظات روحانية غامرة وبين أفكار فلسفية عميقة. يقول المؤلف: في اليوم الذي اعتنقت فيه الإسلام، قدم إليَّ إمام المسجد كتيباً يشرح كيفية أداء الصلاة. غير أني فوجئت بما رأيته من قلق الطلاب المسلمين فقد ألحوا عليَّ بعبارات مثل: (خذ راحتك) (لا تضغط على نفسك كثيراً) (من الأفضل أن تأخذ وقتك) (ببطء .. شيئاً، فشيئاً). وتساءلت في نفسي (هل الصلاة صعبة إلى هذا الحد؟). لكني تجاهلت نصائح الطلاب، فقررت أن أبدأ فوراً بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها. وفي تلك الليلة، أمضيت وقتاً طويلاً جالساً على الأريكة في غرفتي الصغيرة بإضاءتها الخافتة، حيث كنت أدرس حركات الصلاة وأكررها، وكذلك الآيات القرآنية التي سأتلوها، والأدعية الواجب قراءتها في الصلاة.
وبما أن معظم ما كنت سأتلوه كان باللغة العربية، فقد لزمني حفظ النصوص بلفظها العربي، وبمعانيها باللغة الإنجليزية. وتفحصت الكتيب ساعات عدة، قبل أن أجد في نفسي الثقة الكافية لتجربة الصلاة الأولى. وكان الوقت قد قارب منتصف الليل، لذلك قررت أن أصلي صلاة العشاء. ودخلت الحمام ووضعت الكتيب على طرف المغسلة مفتوحاً على الصفحة التي تشرح الوضوء. وتتبعت التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة، بتأن ودقة، مثل طاهٍ يجرب وصفة لأول مرة في المطبخ.
وعندما انتهيت من الوضوء، أغلقت الصنبور وعدت إلى الغرفة والماء يقطر من أطرافي. إذ تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب ألا يجفف المتوضئ نفسه بعد الوضوء. (1) ووقفت في منتصف الغرفة، متوجهاً إلى ما كنت أحسبه اتجاه القبلة. نظرت إلى الخلف لأتأكد من أنني أغلقت باب شقتي، ثم توجهت إلى الأمام، واعتدلت في وقفتي، وأخذت نفساً عميقاً، ثم رفعت يدي، وبراحتين مفتوحتين ملامساً شحمتي الأذنين بإبهامي. (2) ثم بعد ذلك، قلت بصوت خافت (الله أكبر).
كنت آمل ألا يسمعني أحد. فقد كنت أشعر بشيء من الانفعال. إذ لم أستطع التخلص من قلقي من كون أحد يتجسس علي. وفجأة أدركت أنني تركت الستائر مفتوحة. وتساءلت: ماذا لو رآني أحد الجيران؟
تركت ما كنت فيه، وتوجهت إلى النافذة، ثم جلت بنظري في الخارج لأتأكد من عدم وجود أحد. وعندما رأيت الباحة الخلفية خالية، أحسست بالارتياح. فأغلقت الستائر، وعدت إلى منتصف الغرفة. ومرة أخرى، توجهت إلى القبلة، واعتدلت في وقفتي، ورفعت يدي إلى أن لامس الإبهامان شحمتي أذني، ثم همست (الله أكبر) ....
وبصوت خافت لا يكاد يسمع، قرأت فاتحة الكتاب ببطء وتلعثم، ثم أتبعتها بسورة قصيرة باللغة العربية، وإن كنت أظن أن أي عربي لم يكن ليفهم شيئاً لو سمع تلاوتي تلك الليلة. ثم بعد ذلك تلفظت بالتكبير مرة أخرى بصوت خافت وانحنيت راكعاً حتى صار ظهري متعامداً مع ساقي واضعاً كفي على ركبتي وشعرت بالإحراج، إذ لم أنحن لأحد في حياتي. ولذلك فقد سررت لأنني وحدي في الغرفة.
وبينما كنت ما أزال راكعاً، كررت عبارة (سبحان ربي العظيم) عدة مرات. ثم اعتدلت واقفاً وأنا أقرأ (سمع الله لمن حمده) ثم (ربنا ولك الحمد) ...... أحسست بقلبي يخفق بشدة، وتزايد انفعالي عندما كبرت مرة أخرى بخضوع فقد حان وقت السجود ... وتجمدت في مكاني، بينما كنت أحدق في البقعة التي أمامي، حيث كان علي أن أهوي إليها على أطرافي الأربعة وأضع وجهي على الأرض. لم أستطع أن أفعل ذلك، لم أستطع أن أنزل بنفسي إلى الأرض، لم أستطع أن أذل نفسي بوضع أنفي على الأرض، شأن العبد الذي يتذلل أمام سيده ...
لقد خيل لي أن ساقي مقيدتان لا تقدران على الانثناء .... لقد أحسست بكثير من العار والخزي. وتخيلت ضحكات أصدقائي ومعارفي وقهقهاتهم، وهم يراقبونني وأنا أجعل من نفسي مغفلاً أمامهم، وتخيلت كم سأكون مثيراً للشفقة والسخرية بينهم، وكدت أسمعهم يقولون (مسكين جفري فقد أصابه العرب بمس في سان فرانسيسكو، أليس كذلك؟). وأخذت أدعو (أرجوك، أرجوك، أعني على هذا).
¥