قال ابن حبان: " ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصحاح وزياداتها حتى كأن السنن كلها بين عينيه، إلا محمد بن إسحاق فقط "
وقال ابن السريج: " ابن خزيمة يخرج النكت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنقاش "
أخي الفاضل هل تأملت قول ابن سريج، ابن سريج يشير لك بكل وضوح إلى فقه ابن خزيمة، وأين فقه ابن خزيمة من بحثك، أين الأحاديث التي استدل بها، أين النكت التي استنبطها، أين وجه مطابقة الأحاديث لترجمته.
ستقول كيف لي أن أفعل ذلك؟
سأقول لك فلنبدأ:
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - "باب ذكر الدليل على أن الكعبين اللذين أمر المتوضئ بغسل الرجلين إليهما العظمان الناتئان في جانبي القدم «لا العظم الصغير الناتئ على ظهر القدم، على ما يتوهمه من يتحذلق ممن لا يفهم العلم، ولا لغة العرب» "
واضح من الترجمة أن ابن خزيمة يريد أن يرد على بعض الفقهاء الذين يعارضون الرأي الذي يتبناه، لماذا لم تبحث من هم، وهل هذا الخلاف مدون فيما بين أيدينا من كتب الفقه؟
الحديث الأول:
... أن عثمان دعا يوما وضوءا، فذكر الحديث في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، واليسرى مثل ذلك»
وجه مطابقة الحديث للترجمة:
قال أبو بكر: «في هذا الخبر دلالة على أن الكعبين هما العظمان الناتئان في جانبي القدم إذ لو كان العظم الناتئ على ظهر القدم لكان للرجل اليمنى كعب واحد لا كعبان»
هنا أسأل، هل حاولت أخي الفاضل أن ترجع إلى كتب غريب الحديث واللغة وتحقق هذه المسألة، ومن ذكر مثل هذا التوجيه من العلماء، ومن تأثر بفقه ابن خزيمة الذي طرحه.
الحديث الثاني:
عن طارق المحاربي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في سوق ذي المجاز وعليه حلة حمراء، وهو يقول: «يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا»، ورجل يتبعه يرميه بالحجارة قد أدمى كعبيه وعرقوبيه، وهو يقول: يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب، فقلت: من هذا؟ قالوا: غلام بني عبد المطلب، فقلت: من هذا الذي يتبعه يرميه بالحجارة؟ قالوا: هذا عبد العزى أبو لهب.
وجه مطابقة الحديث للترجمة:
قال أبو بكر: «وفي هذا الخبر دلالة أيضا على أن الكعب هو العظم الناتئ في جانبي القدم إذ الرمية إذا جاءت من وراء الماشي لا تكاد تصيب القدم إذ الساق مانع أن تصيب الرمية ظهر القدم»
الحديث الثالث:
عن أبي القاسم الجدلي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: «أقيموا صفوفكم ثلاثا، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم» قال: «فرأيت الرجل يكون كعبه بكعب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، ومنكبه بمنكب صاحبه» «هذا لفظ حديث وكيع» قال أبو بكر: «أبو القاسم الجدلي هذا هو حسين بن الحارث من جديلة قيس، روى عنه زكريا بن أبي زائدة، وأبو مالك الأشجعي، وحجاج بن أرطاة، وعطاء بن السائب عداده في الكوفيين.
وجه مطابقة الحديث للترجمة:
قال ابن خزيمة: وفي هذا الخبر ما نفى الشك والارتياب أن الكعب هو العظم الناتئ الذي في جانب القدم الذي يمكن القائم في الصلاة أن يلزقه بكعب من هو قائم إلى جنبه في الصلاة، والعلم محيط عند من ركب فيه العقل أن المصلين إذا قاموا في الصف لم يمكن أحد منهم إلصاق ظهر قدمه بظهر قدم غيره، وهذا غير ممكن وما كونه غير ممكن لم يتوهم عاقل كونه»
والناظر في فقه ابن خزيمة هنا يرى وبكل وضوح أنه يخرج الفوائد والنكت الفقهية بطريقة دقيقة، ولاحظ لقد تكلم في الترجمة عن لغة العرب،لكنه أثبت أيضا أن الحقيقة الشرعية تؤكد ما ذهب إليه.ويا ترى من استفاد من فقه ابن خزيمة من العلماء من استدل بنفس أدلته، من تأثر به، هذا كله لم أنتبه إليه في بحثك أخي الفاضل.
يتبع بإذن الله تعالى.
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 05:22 م]ـ
أهلا بالشيخ الكريم أبي الأشبال عبد الجبار.
1) والله كم يسعدني من يطلع على بحثي وينقده؛ لأنني بصراحة لم أجد من ينقده فعلا وخاصة أني طالب علم لم يستوعب ماذا يدار في الدراسات ومالمطلوب ..
2) بما أنكم ياشيخ ولجتم باب الاطلاع على بحثي ونقده، فسأستشيركم في بعض الأمور فافتح صدرك لها.
3) لاشك أني سأجعل فصلا أو قل تمهيدا لمنهج ابن خزيمة في الفقه، إلا أني أعلمكم أني بحثي بعنوان (آراء الإمام ابن خزيمة الفقهيةمن .. إلى) وأظن أن هذا العنوان تختلف مطالبه فيما لو كان العنوان (فقه ابن خزيمة) أليس كذلك شيخنا، فعنوان بحثي المطلوب منه تحديد رأي ابن خزيمة رحمه الله ثم المناقشة المفتوحة أما الدخول في مباحث لغوية وتحقيقها كمسألة الكعبين، وكمطابقة الترجمة للحديث وغيرها فلعل هذه المطالب ألصق بالعنوان الثاني لذا لم أتعرض لها .. ما رأيكم أيها الشيخ الفاضل.
4) أعلمك أني سآخذ ما تكتبه هنا لمشرفي وسأرى رده.
¥