تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم إطالة الرجل لشعره]

ـ[أيمن التونسي المديني]ــــــــ[11 - 02 - 08, 10:56 م]ـ

[حكم إطالة الرجل لشعره]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد فإن إطالة الرجل لشعره سلوك موجود في مجتمعنا يفعله عدة شرائح وهو مما يشكل حكمه على كثير من الناس ويسأل عنه فأحببت أبين الحكم فيه مع تفصيل أحوال الناس في فعله.

وقد ثبت في السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل شعره على عدة صفات على حسب اختلاف أحواله في شغله وفراغه:1 - يطيله إلى شحمة أذنه وهي (الوفرة): قال البراء: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يبلغ شحمة أذنيه) متفق عليه. وفي صحيح مسلم (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه).

2 - يطيله إلى ما بين أذنه ومنكبه وهي (اللمة): قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أذنيه وعاتقه) متفق عليه. وقالت عائشة: (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمّة) رواه أبوداود والترمذي.

3 - يطيله إلى منكبيه وهي (الجمة): فعن أنس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعرُه منكبيه) متفق عليه. وهذا هو الغالب على شعره.

ولم يثبت في السنة أنه كان يطيله إلى أنزل من كتفه كعادة النساء في إطالة شعورهن. والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يقصه إذا نزل عن منكبيه. وحديث الضفائر المخرج في السنن لا يصح إسناده ومتنه مخالف للأحاديث الصحاح وقد أعله البخاري بالإنقطاع. ولم يتقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه حلق شعره إلا في النسك خاصة.

وقد اختلف الفقهاء في حكم إطالة الشعر هل هو سنة أم مباح على قولين:1 - أن إطالة الشعر سنة وهو المشهور في مذهب الحنابلة. قال المرداوي في الإنصاف: (يستحب إتخاذ الشعر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب). وقال ابن قدامة في المغني: (واتخاذ الشعر أفضل من إزالته. قال أبو إسحاق: سئل أبو عبد الله عن الرجل يتخذ الشعر فقال سنة حسنة لو أمكننا اتخذناه). وحجتهم في ذلك إطالة النبي صلى الله عليه وسلم لشعره وفعله سنة وما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له شعر فليكرمه) رواه أبو داود. وما رواه ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال: (احلقوه كله أو اتركوه كله) رواه أبوداود.

2 - أن إطالة الشعر عمل مباح ليس مسنونا ومنهم من رأى أن إزالته أفضل من تركه وهو وجه عند الحنابلة وقول مشهور عند الحنفية وقول ابن عبد البر وغيرهم وحجتهم أن عمل النبي صلى الله عليه وسلم من باب العادة لا يشرع التأسي به في ذلك ولم يرد من قوله ما يدل على سنيته. واستدلوا بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بجز الشعر واستحسن ذلك كما أخرج أبوداود والنسائي عن وائل بن حجر قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر طويل فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذباب ذباب قال: فرجعت فجززته ثم أتيته من الغد فقال: إني لم أعنك وهذا أحسن). وقال الطحاوي في مشكل الآثار: (فكان في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على أن جز الشعر أحسن من تربيته وما جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحسن كان لا شيء أحسن منه. ووجب لزوم ذلك الأحسن وترك ما يخالفه).

الترجيح:

والذي يظهر أن إطالة الشعر للرجل مباح ليس سنة للوجوه الآتية:1 - أن معنى الجبلة والعادة ظاهر في هذا التصرف فالنبي صلى الله عليه وسلم فعله فيما يظهر مجاراة لعرف قومه. فهذا الفعل ليس تكليفا ولا يظهر فيه قرينة تدل على أن الشارع قصد به معنى يرجح كونه قربة كالتيامن أو التميز عن الكفار أو عن النساء أو لمنع وسيلة لخلق مذموم ونحو ذلك. والفعل إذا خلا من هذه المقاصد صار من جنس باقي الأفعال التي تفعل بمقتضى الجبلة ولم يضف إليها الشرع حكما تكليفيا. والمقرر عند أهل الأصول أن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة شرعي وجبلي وقسم بينهما متنازع فيه يختلف الفقهاء في حكمه وتتجاذبه الأدلة وهذا الفعل منها (إطالة الشعر) وما دام أنه خلا من المقاصد والمعاني الشرعية صار إلحاقه بالفعل الجبلي أولى من الشرعي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير