الثالث: أنها تصح مع العذر دون غيره، مثل ما إذا كان زحمة، فلم يمكنه أن يصلي الجمعة أو الجنازة إلا قدام الإمام، فتكون صلاته قدام الإمام خيرا له من تركه للصلاة، وهذا قول طائفة من العلماء، وهو، قول في مذهب أحمد، وغيره، وهو أعدل الأقوال وأرجحها، وذلك لأن ترك التقدم على الإمام غايته أن يكون واجبا من واجبات الصلاة في الجماعة، والواجبات كلها تسقط بالعذر، وإن كانت واجبة في أصل الصلاة، فالواجب في الجماعة أولى بالسقوط، ولهذا يسقط عن المصلى ما يعجز عنه من القيام، والقراء، واللباس، والطهارة، وغير ذلك.
حكم صلاة المأموم خلف الإمام وبينهما حائل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: صلاة المأموم خلف الإمام: خارج المسجد، أوفى المسجد وبينهما حائل، فإن كانت الصفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة، وإن كان بينهما طريق، أو نهر تجري فيه السفن، ففيه قولان ومعروفان، هما روايتان عن أحمد رحمه الله: الأول: المنع كقول أبي حنيفة رحمه الله.
الثاني: الجواز كقول الشافعي رحمه الله.
وسئل: عمن يصلي مع الإمام، وبينه وبين الإمام حائل، بحيث لا يراه، ولا يرى من يراه: هل تصح صلاته أم لا؟ فأجاب: الحمد لله، نعم تصح صلاته عند أكثر العلماء، وهو المنصوص الصريح عن أحمد، فإنه نص على أن المنبر لا يمنع الاقتداء، والسنة في الصفوف أن يتموا الأول فالأول، ويتراصوا في الصف.
فمن صلى في مؤخرة المسجد مع خلو ما يلي الإمام كانت صلاته مكروهة، والله أعلم.
وسئل: عن الحوانيت المجاورة للجامع من أرباب الأسواق، إذا اتصلت بها الصفوف، فهل تجوز صلاة الجمعة في حوانيتهم؟ فأجاب: أما صلاة الجمعة وغيرها فعلى الناس أن يسدوا الأول فالأول، كان في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يسدون الأول فالأول، ويتراصون في الصف).
فليس لأحد أن يسد الصفوف المؤخرة مع خلو المقدمة، ولا يصف في الطرقات والحوانيت مع خلو المسجد، ومن فعل ذلك استحق التأديب، ولمن جاء بعده تخطيه، ويدخل لتكميل الصفوف المقدمة، فإن هذا لا حرمة له.
كما أنه ليس لأحد أن يقدم ما يفرش له في المسجد، ويتأخر هو، وما فرش له لم يكن حرمة، بل يزال ويصلى مكانه على الصحيح.
بل إذا امتلأ المسجد بالصفوف صفوا خارج المسجد، فإذا اتصلت الصفوف حينئذ في الطرقات والأسواق، صحت صلاتهم.
ومن صلى في حانوته والطريق خال لم تصح صلاته، وليس له أن يقعد في الحانوت، وينتظر اتصال الصفوف به، بل عليه أن يذهب إلى المسجد فيسد الأول فالأول، والله أعلم. انتهى
حكم اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد
إذا اجتمع يوم الجمعة والعيد معا، سقطت الجمعة عمن صلى العيد، ولكن يستحب للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء مشهدها، أو من لم يصل العيد.
وإليك فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة، وترجيحه فيها. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليم كثيرا.
إذا اجتمع يوم الجمعة ويوم العيد ففيها ثلاثة أقوال للفقهاء: أحدها: أن الجمعة على من صلى العيد، ومن لم يصله، كقول مالك.
الثاني: أن الجمعة سقطت عن السواد الخارج عن المصر، كما يروى ذلك عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه صلى العيد، ثم أذن لأهل القرى في ترك الجمعة، واتبع ذلك الشافعي.
الثالث: أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة، لكن ينبغي للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من أحب، كما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه اجتمع في عهده عيدان فصلى العيد، ثم رخص في الجمعة.
وفي لفظ أنه صلى العيد وخطب الناس فقال: (أيها الناس إنكم قد أصبتم خيرا، فمن شاء منكم أن يشهد الجمعة فليشهد، فإنا مجمعون).
وهذا الحديث روى في السنن من وجهتين أنه صلى العيد ثم خير الناس في شهود الجمعة.
وفي السنن حديث ثالث في ذلك أن ابن الزبير كان على عهده عيدان فجمعهما أول النهار، ثم لم يصل إلا العصر. وذكر ذلك لابن عباس - رضي الله عنه - فقال: قد أصاب السنة.
وهذا المنقول هو الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه، وأصحابه، وهو قول من بلغه من الأئمة كأحمد وغيره، والذين خالفوه لم يبلغهم ما في ذلك من السنن والآثار، والله أعلم.
هل يجوز الجرى لإدراك صلاة الجمعة
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن رجل خرج إلى صلاة الجمعة، وقد أقيمت الصلاة، فهل يجري إلى أن يأتي الصلاة، أو يأتي هونا، ولو فاتته؟ فأجاب: الحمد لله، إذا خشى فوات الجمعة، فإنه يسرع حتى يدرك منها ركعة فأكثر، وأما إذا كان يدركها مع المشي، وعليه السكينة، فهذا أفضل والله أعلم
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[14 - 02 - 08, 11:00 ص]ـ
جزاك الله خيرًا و بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك.
اللهم أني أسالك. بعزتك وقدرتك ورحمتك ومغفرتك وجبروتك وسلطانك وجلالك وعليائك أن تحفظ من أهدى إلى عيوب نفسي أو نصحني وان تسكنه الفردوس الأعلى يارب العالمين.
¥