تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[خطبة في الانتصار لرسول الله الذي رفع الله به عن الأمة (الأغلال والآصار)]

ـ[عبدالله العلاف]ــــــــ[25 - 02 - 08, 02:20 م]ـ

خطبة في الانتصار لرسول الله الذي رفع الله به عن الأمة (الأغلال والآصار) كتبها عبد الله بن إبراهيم القرعاوي ..

الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه الناصر لمن ينصره من أهل طاعته وأولياءه، الذين يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه، ويجاهدون أهل معاصيه بأنفسهم وأموالهم وألسنتهم طاعة لله أحمده حمدًا يملأ أرضه وسماه وأشكره على سوابغ نعمه وآلاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين ومحجة للسالكين وحجة على العباد أجمعين، أرسله على حين فترة من الرسل، فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل، وافترض على العباد طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره والقيام بحقوقه، وسد إلى جنته جميع الطرق فلم يفتح لأحد إلا من طريقه، فشرح له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره فهدى به من الضلالة وعلم به من الجهالة، وكثر به بعد القلة وأعزّ به بعد الذلة، وأغنى به بعد العيلة، وبصر به من العمى وأرشد به من الغي وفتح برسالته أعيناً عمياً وآذانا صما وقلوباً غلفا، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وعبد الله حتى أتاه اليقين فلم يدع خيراً إلا دل أمته عليه، ولا شراً إلا حذر منه ونهى عن سلوك الطريق الموصلة إليه، ففتح القلوب بالإيمان والقرآن وجاهد أعداء الله باليد والقلب واللسان، فدعا إلى الله على بصيرة وسار في الأمة، بالعدل والإحسان وخلقه العظيم أحسن سيره إلى أن أشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها وتألفت به القلوب بعد شتاتها، وسارت دعوته سير الشمس في الأقطار، وبلغ دينه القيم ما بلغ الليل والنهار، واستجابت لدعوته الحق القلوب طوعًا وإذعانا وامتلأت بعد خوفها وكفرها أمناً وإيماناً فجزاه الله عن أمته أفضل الجزاء وصلى عليه صلاة تملأ أقطار الأرض والسماء وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد .. عباد الله اتقوا الله وأطيعوه واعلموا أنه قد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة موضحة مبينة لما يجب لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الحقوق وما يتعين له من بر وتوقير وإكرام وتعظيم ومحبة، ومن أجل هذا حرم الله تبارك وتعالى أذى رسوله محمد عليه الصلاة والسلام في كتابه وأجمعت الأمة على قتل منتقصه وسابه قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فكل من استهان برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو سبه أو عابه أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب له والإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فإنه يقتل كفراً، لما روى أبو داود والنسائي واللفظ له: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «إن أعمى كان على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وكانت له أم ولدٍ وكان له منها ابنان وكانت تكثر الوقيعة برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتسبه فيزجرها فلا تنزجر وينهاها فلا تنتهي، فلما كان ذات ليلة ذكرت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فوقعت فيه، فلم أصبر أن قمت إلى المغول فوضعته في بطنها فاتكأت عليه فقتلها فأصبحت قتيلا، فذكر ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجمع الناس، وقال: أنشد الله رجلاً لي عليه حق فعل ما فعل إلا قام، فأقبل الأعمى يتدلل فقال: يا رسول الله، أنا صاحبها، كانت أم ولدي وكانت بي لطيفة رفيقة، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين ولكنها كانت تكثر الوقيعة فيك وتشتمك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، فلما كانت البارحة ذكرتك فوقعت فيك، فقمت إلي المغول فوضعته في بطنها فاتكأت عليها حتى قتلها، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «ألا اشهدوا أن دمها هدرٌ».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير