قال تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) {الأعراف: 157}.
وما عرف أهلُ الكتاب الحضارة العلمية إلا من حضارة الإسلام، إذ كانوا قبله في تخلُّف.
فضائل النبي صلى الله عليه وسلم على أمته:
وأما فَضْلُه على أمته فقد كان بهم رؤوفاً رحيماً، ومن ذلك:
*ما من نبيِّ عصاه قومه وآذوه إلاّ دعا عليهم فأهلكهم الله، إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يدعُ على أمته وقومه لمَّا آذوه، بل دعا لهم وقال: "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبُد الله وحده لا يشرك به شيئاً" (متفق عليه: البخاري3 - 3059، ومسلم 3 - 1795).
فأنت أيُّها المسلم بقيةٌ من هؤلاء الذين من الله عليهم ببعثة سيد المرسلين، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم.
*وكذا في الإسراء والمعراج لمَّا أوجب الله الصلاة خمسين صلاة في اليوم والليلة، فراجع محمد صلى الله عليه وسلم ربَّه فيها لسؤال موسى واستشارة جبرائيل -عليهما السلام-، وشرح الله صدره كذلك؛ حتى أصبحت خمس صلواتٍ بأجر خمسين. (متفق عليه: البخاري1 - 342، ومسلم 1 - 162).
*لم يُخيَّر بين أمرين من الأمور إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً. (متفق عليه: البخاري6 - 6404، ومسلم 4 - 2327)، فاختار اللبن على الخمر لما عرضا عليه، فَهُدِيَ للفطرة، ولو اختار الخمر لغوت أمته. (متفق عليه: البخاري4 - 4432، ومسلم 3 - 168). هذا في الدنيا.
أمّا في الآخرة فالشفاعة الكبرى لكل من قال: "لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه" (البخاري 99).، فرسولُ الله صلى الله عليه وسلم ادَّخر شفاعته عند ربه -عزَّ وجلَّ- لأمته، لأهل الكبائر منهم، لرحمته وشفقته بهم.
حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته:
إنَّ محمداً هو نبيُّ الله ورسوله وخاتم الأنبياء والمرسلين، أرسله الله للأمة، ووصفه بالرأفة والرحمة بهم يَعِزُّ عليه ما يعنتهم، حريص على هدايتهم، قال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) {التوبة: 128}.
فأمر الله أمته باتباعه وطاعته قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) {محمد: 33}، وجعل طاعة محمد صلى الله عليه وسلم طاعة له، قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى" فما أرسلناك عليهم حفيظا 80) {النساء: 80}.
وهناك جملة من الحقوق لخير الهدى على أمته، منها:
1 - الإيمان بأنه رسولُ اللهِ، والإيمان به أحد ركني شهادة التوحيد (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله) فلا إسلام لمن لم يؤمن به.
2 - التصديق بكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وصحَّ عنه من شريعته في العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، وغير ذلك من شؤون الحياة، وعدم جحدها أو شيء منها.
3 - محبته وتعظيمه واتباع سنته قولاً وعملاً، وذِكْرُه بالصلاة عليه في الأوراد والأذكار التي شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالتشهد في كل صلاةٍ، وبعد الأذان، ويوم الجمعة وليلتها، وتقديم محبته على كلِّ شيء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" (متفق عليه: البخاري1 - 15، ومسلم 1 - 44).
4 - أمانة الراعي على رعيته؛ فكل أب أو أم أو زوج أو مسئول -وكذا كل راعٍ- أن يُعلِّم رعيته وجوب محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والاقتداء بسنته وتطبيقها في كل شئون حياته، وتصديق أخباره، وطاعة أوامره، واجتناب نواهيه، وأن لا يعبد الله إلا بما شرعه.
5 - من حقِّ محمد صلى الله عليه وسلم على أمته حفظ حقوق أصحابه - رضوان الله عليهم- بتوليهم والترضي عنهم، والكف عن مساوئهم، واعتقاد فضلهم، ومنزلتهم وسبقهم، الذين اختارهم الله لصحبة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهم الذين آووه ونصروه وعزّروه ونشروا شريعته وبلّغوها لمن بعدهم.
¥