تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأنصار: "لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلاَّ منافق، من أحبهم أحبَّه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله" (متفق عليه: البخاري7 - 3783، ومسلم 1 - 75).

فأذية أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إنما هي أذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، وأذيّة محمد صلى الله عليه وسلم إنما هي أذيّة لله عزَّ وجلَّ.

ومن عادى محمداً صلى الله عليه وسلم فإنه عدو لله عز وجل، قال تعالى: (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين 98) {البقرة: 98}.

6 - ومع كل ما تقدم فإن محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وإعطاءه حقوقه بلا إفراط ولا تفريط:

الأول: لا إفراط في حقه صلى الله عليه وسلم بالغلو، بحيث يُشرك في حقِّ من حقوق الله كالدعاء والتوسل والرجاء والخوف، وأيِّ نوع من أنواع العبادة التي هي حق لله وحده لا شريك له.

الثاني: لا تفريط في حقه صلى الله عليه وسلم ولا جفاء بإنزاله عن منزلته التي أنزله الله إياها وكترك الإيمان به أو تصديق ما جاء به أو بعضه أو عدم تعظيمه، أو عدم الاعتراف برسالته، أو اعتقاد أنها خاصة بالعرب، أو اعتقاد أن بعده نبي، أو غير ذلك من أنواع جفائه صلى الله عليه وسلم.

عقوبة الجناية على شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سننه:

إن الله اختار من خلقه الصفوة منهم وجعلهم أنبياءه ورسله، وأنزل معهم كتبه وشرائعه ليبينوها للناس. قال تعالى: (إن الله اصطفى" آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) {آل عمران: 33}.

وإن الله عزَّ وجلَّ خصَّ رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم الأنبياء والمرسلين، ورسالته عامة للثقلين: الجن والإنس، وأوجب الإيمان به، واتباعه، وتعزيره، وتوقيره، والعمل بشريعته، على جميع الناس، وذكر أوصافه في كتب الأنبياء السابقين، وأوصاف أصحابه، وذكر مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل، قال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى" على" سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) {الفتح: 29}.

عاقبة من استهزأ أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم: إن عاقبة من سبَّ أو استهزأ بشخص رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم -وكذا جميع أنبياء الله ورسله - وخيمةٌ، وظهور عقوبة الله فيهم على مرِّ الزمان معروفة معلومة. قال تعالى: (والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم) {التوبة: 61}، وقال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) {الأحزاب: 57}، وقال تعالى: (إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين * يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على" كل شيء شهيد) {المجادلة: 5، 6}، وقال تعالى: (إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين * كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز) {المجادلة: 20، 21}.

أما موقف المسلم من المحادِّ لله ولرسوله فقد ذكره الله في الآية التي بعدها من سورة المجادلة قال تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) {المجادلة: 22}.

وأهل الكتاب الكفار أقدموا على قتل أنبياء الله ورسله، اتّباعاً لشهواتهم وأهوائهم، قال تعالى: (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى" أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) {البقرة: 87}.

وكل من كفر بالله ورسله فإن له معيشة ضنكاً، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى") {طه: 124}، لا يخرجه منها إلا أن يؤمن بالله ربَّاً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.

وفي الآخرة يُحشر أعمى، كما قال في آخر الآية: (ونحشره يوم القيامة أعمى" * قال رب لم حشرتني أعمى" وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى" * وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى") {طه: 124 - 127}.

هذا جزاء الكافرين ومصيرهم في الدنيا والآخرة، والمستهزئ بالرسول صلى الله عليه وسلم والساخر به لهم النصيب الأوفر من العذاب والخزي، والنكال في الدنيا وفي دار القرار.

نسأل الله السلامة والعافية من الفتن والمحن، ونسأله أن يرزقنا الإيمان بالله وبرسله، وأن يرزقنا محبة نبينا صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، وتعظيمه، والإيمان به، وتصديقه، والعمل بشريعته ظاهراً وباطناً، وأن يرزقنا الثبات على الإيمان والاستقامة على دين الله القويم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على عبدالله ورسوله، وخيرته من خلقه، نبينا وإمامنا، وقدوتنا، وحبيبنا محمد بن عبدالله وعلى آله وعلى أصحابه، وعلى أزواجه وذريته وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير